قال المصنّف ـ قدّس الله نفسه ـ (١) :
الخامس : أن يكون الفعل ما يستحقّ به الثواب (٢) ، وإلّا لزم العبث والظلم على الله تعالى.
وخالفت الأشاعرة فيه ، فلم يجعلوا الثواب مستحقّا على شيء من الأفعال ، بل جوّزوا التكليف بما يستحقّ عليه العقاب (٣) ، وأن يرسل رسولا يكلّف الخلق فعل جميع القبائح وترك جميع الطاعات.
فيلزمهم من هذا أن يكون المطيع المبالغ في الطاعة من أسفه الناس وأجهل الجهلاء ، من حيث يتعب بماله وبدنه في فعله شيئا ربّما يكون هلاكه فيه.
وأن يكون المبالغ في المعصية والفسوق أعقل العقلاء حيث يتعجّل اللذّة ، وربّما يكون تركها سبب الهلاك وفعلها سبب النجاة.
فكان وضع المدارس والرّبط (٤) والمساجد من نقص التدبيرات البشرية ، حيث تخسر الأموال في ما لا نفع فيه ولا فائدة عاجلة ولا آجلة.
__________________
(١) نهج الحقّ : ١٣٦.
(٢) انظر : الذخيرة في علم الكلام : ١١٢ و ١٣١ ، تقريب المعارف : ١١٩ ، الاقتصاد في ما يتعلّق بالاعتقاد : ١١٢.
(٣) التقريب والإرشاد ١ / ٢٦٦ ، الفصل في الملل والأهواء والنحل ٢ / ١٣٤ و ١٤٠.
(٤) الرّبط : الخيل تربط بالأفنية وتعلف ، ورباط الخيل مرابطتها في الثغور لصدّ الأعداء ؛ وواحد الرّبط : الرّبيط ، وجمع الرّبط : الرّباط ، وهو جمع الجمع.
انظر مادّة « ربط » في : لسان العرب ٥ / ١١٢ ، تاج العروس ١٠ / ٢٥٩ ـ ٢٦٢.