وأنت تعلم أنّه لا يشكّ ذو فكرة (١) أنّ علمه تعالى بالممكنات والغايات المترتّبة عليها صفة ذاتية ، وفعله موقوف على صفة ذاتية ، وكم من الصفات الذاتية موقوفة على صفة مثلها ، وتعالى جدّ ربّنا عن أن يحصل له بواسطة شعوره بغاية شوق وانفعال في ذاته الأقدس كما في الحيوانات » (٢).
والأولى في ردّه أن يقال : إنّه إن أراد بتأثّره تعالى حصول الانفعال له ، فهو غير لازم من القول بالغرض.
وإن أراد به أنّ الغرض يكون داعيا له إلى الفعل ، فهو المطلوب ، ولا بأس به أصلا.
ثمّ إنّه لا مناص للأشاعرة عن القول بالغرض ؛ لأنّهم قالوا بحجّية القياس (٣) ، وهو لا يتمّ إلّا إذا كانت التكاليف التي هي من أفعاله تعالى معلّلة بالأغراض ، إمّا لكون العلّة في القياس غرضا كما في أكثر المقامات ، أو لاستلزامها للغرض ، بلحاظ أنّ سببية الشيء لأن يكلّف سبحانه اختيارا تستدعي وجود غرض له ملازم لتلك العلّة ، وإلّا فكيف صارت علّة لفعل الله وهو التكليف؟!
على أنّ الالتزام بثبوت علّة لفعل من أفعاله تعالى وإن لم تكن علّة غائية ، يستلزم القول بصحّة الأغراض ؛ لأنّ النقص المفروض يأتي أيضا
__________________
(١) في المصدر : « مرّة » ، والمرّة ، القوّة وشدّة العقل ؛ انظر : لسلن العرب ١٣ / ٧٤ مادّة « مرر ».
(٢) إحقاق الحقّ ١ / ٤٣٢ ـ ٤٣٣.
(٣) التبصرة في أصول الفقه : ٤١٩ مسألة ٣ ، المستصفى من علم الأصول ٢ / ٢٣٤ ، المحصول في علم أصول الفقه ٢ / ٢٤٥ ، الإحكام في أصول الأحكام ـ للآمدي ـ ٣ / ١٦٤ وما بعدها ، المواقف : ٣٦.