قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

البرهان في علوم القرآن [ ج ٣ ]

البرهان في علوم القرآن [ ج ٣ ]

421/529
*

من التذكير والتأنيث ؛ يريد أنّك إذا أردت القرب من المكان ، قلت : زيد قريب من عمرو ، وهند قريبة من العباس ، فكذا في النسب.

وقال أبو عبيدة (١) : ذكّر «قريب» لتذكير المكان ، أي مكانا قريبا. وردّه ابن الشجري (٢) بأنه لو صحّ لنصب «قريب» على الظرف.

وقال الأخفش : المراد بالرحمة هنا المطر ؛ لأنه قد تقدم ما يقتضيه ، فحمل المذكّر عليه.

وقال الزّجاج : لأن الرحمة والغفران بمعنى واحد ؛ وقيل : لأنها والرحم سواء.

ومنه : (وَأَقْرَبَ رُحْماً) (الكهف : ٨١) ، فحملوا الخبر على المعنى ، ويؤيده قوله تعالى : ([هذا] (٣) رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي) (الكهف : ٩٨).

وقيل : الرحمة مصدر ، والمصادر كما لا تجمع لا تؤنث.

وقيل : «قريب» على وزن «فعيل» و «فعيل» يستوي فيها المذكر والمؤنث حقيقيّا كان أو غير حقيقي. ونظيره قوله تعالى : (وَهِيَ رَمِيمٌ) (يس : ٧٨).

وقيل : من حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه ، مع الالتفات إلى المحذوف ، فكأنه قال : وإنّ مكان رحمة الله قريب ، ثم حذف المكان وأعطى الرحمة إعرابه وتذكيره.

وقيل : من حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه ، أي إنّ رحمة الله شيء قريب أو لطيف ، أو برّ أو إحسان.

وقيل : من باب إكساب المضاف حكم المضاف إليه ؛ إذا كان صالحا للحذف والاستغناء عنه بالثاني ، والمشهور في هذا تأنيث المذكر لإضافته إلى مؤنث ، كقوله :

مشين كما اهتزّت رماح تسفّهت

أعاليها مرّ الرياح النّواسم (٤)

فقال : «تسفهت» والفاعل مذكر ؛ لأنه اكتسب تأنيثا من الرياح ، إذ الاستغناء عنه جائز ، وإذا كانت الإضافة على هذا تعطي المضاف تأنيثا لم يكن له. فلأن تعطيه تذكيرا لم يكن له ـ

__________________

(١) ذكره أبو عبيدة في مجاز القرآن ١ / ٢١٦ سورة الأعراف ، الآية (٥٦).

(٢) انظر الأمالي الشجرية ١ / ٢٢٧ ضمن فصل : مما أنكر على أبي طيب.

(٣) ليست في المخطوطة.

(٤) البيت ذكره ابن منظور في مواضع من لسان العرب دون ذكر نسبته ، في ٣ / ٢٨٨ مادة عود ، وفي ٤ / ٤٤٦ مادة صدر ، وفي ١١ / ٥٣٦ مادة قبل ، وفي ١٣ / ٤٩٩ مادة سفه.