من الأوصاف [وتدع بعضا] أي (١) تعتبر وجود بعضها وعدم بعضها [كما في قوله ((١)) : حملت (٢) ردينيا] يعني رمحا منسوبا إلى ردينة [كأنّ سنانه سنا لهب لم يتّصل بدخّان]
________________________________________________________
(١) أي أتى بهذا التّفسير للإشارة إلى أنّ مراد المصنّف من قوله : «وتدع بعضا» اعتبار عدمه لا عدم اعتباره ، وإن كان التّرك يصدق عليه أيضا ، والوجه في ذلك ظاهر ، فإنّ عدم اعتبار الأوصاف لا يعتبر في تشبيه من التّشبيهات ، ثمّ إنّ مراده من ترك بعض الأوصاف التّرك الّذي فيه دقّة ولطافة ، كما في البيت الآتي ، لظهور أنّ قولك : زيد كعمرو في الجبن ، وعدم الكرم ، ليس من جملة الأعرف ، إلّا أن نلتزم بأنّ مجرّد اجتماع الوجود والعدم ممّا فيه دقّة ولطافة ، حيث إنّ المأنوس اجتماع الوجودات أو العدمات لا الوجود والعدم ، ولكن دون إثباته خرط القتاد.
(٢) شرح مفردات البيت «حملت» متكلّم من الحمل ، «الرّديني» نسبة إلى ردينيّة ، وهي بالرّاء والدّال المهملتين ، والياء والنون ، كرميثة موضع في اليمامة ، وقيل : اسم امرأة كانت تقوّم الرّماح وتعدلها ، أي هي امرأة كانت تحسن صنعة الرّماح. «السّنان» بالسّين المهملة والنّون ككتاب حديدة الرّمح ، «السّنا» بالسّين المهملة كعصا الضّوء ، اللهب اشتعال النّار.
والشّاهد في البيت :
كونه مشتملا على التّشبيه المفصّل ، حيث إنّ امرء القيس قد اعتبر في اللهب بعض أوصافه من لونه الزّرقة الصّافية ، وشكله المخروطيّ ، ونفى بعضه الآخر ، وهو اتّصاله بالدّخان ، إذ لو لم يعتبر عدمه ، لا ختلّ ما قصده من التّشبيه ، وهو بيان حال القناة بأنّ حديدتها مجلوّة اللّون والشّكل والمقدار على ما فصّل سابقا.
ثمّ إنّ المتحصّل من كلام المصنّف أنّ صور الأعرف (٨) حاصلة من ضرب الصّورتين ، أي صورة اعتبار وجود البعض وعدم البعض ، وصورة اعتبار الجميع على أحوال الموصوف الأربع ، أعني كون الموصوف واحدا أو اثنين أو ثلاثة أو أكثر ، فغير الأعرف أربعة ، وهي أن تعتبر جميع الأوصاف من حيث عدمها كان الموصوف بتلك الأمور واحدا أو اثنين أو ثلاثة أو أكثر.
__________________
(١) ـ أي قول امرئ القيس.