يعني قوله : إلّا أنّها لم تقاتل ، لأنّه لم يحسن الاستدراك الّذي هو قوله : إلّا أنّها لم تقاتل ، ذلك الحسن إلّا بعد أن تجعل الطّير مقيمة مع الرّايات معدودة في عداد الجيش حتّى يتوهّم أنّها أيضا من المقاتلة ، هذا هو المفهوم من الإيضاح (١).
وقد قيل معنى قوله : وبها ، أي بهذه الزّيادات الثّلاث يتمّ حسن معنى البيت الأوّل [وأكثر هذه الأنواع (٢)] المذكورة لغير الظّاهر ، [ونحوها مقبولة (٣)] لما فيها من نوع تصرّف (٤) [بل منها] أي من هذه الأنواع [ما يخرجه حسن التّصرف (٥)
________________________________________________________
لأنّ إقامتها مع الرّايات حتّى كأنّها مع الجيش موهم أنّها أيضا تقاتل مثل الجيش ، فيحسن هذا الاستثناء المنقطع ، لأنّ مفاده الاستدراك الّذي هو في الاصطلاح دفع التوهّم النّاشئ من الكلام السّابق ، وهو من المحسّنات المعنويّة.
(١) أي أنّ المفهوم من الإيضاح أنّ ضمير قوله : «وبها» ، راجع لإقامتها مع الرّايات حتّى كأنّها من الجيش ، والمراد من الأوّل هو الأوّل من الزّيادات ، ويحتمل أن يكون الضّمير راجعا إلى مجموع الزّيادات الثّلاث ، فيكون قوله : «وبها يتمّ حسن الأوّل» أنّ بهذه الزّيادات الثّلاث «يتمّ حسن معنى بيت الأوّل» ، أي المعنى الّذي أخذ أبو تمّام من بيت الأفوه ، وهو تساير الطّير على آثارهم واتّباعها لهم في الزّحف.
(٢) وهي خمسة.
(٣) التّأنيث باعتبار إضافة المرجع ، أعنى أكثر إلى المؤنّث أعنى هذه.
(٤) وهذا التّعليل يقتضي قبول جميع أنواع غير الظّاهر للتّصرّف لاستوائها فيه ، فكان الأولى للمصنّف أن يقول : «وهذه الأنواع مقبولة».
(٥) أي حسن تصرف الشّاعر الثّاني ، بحيث يخرج من الابتذال إلى الغرابة فبهذا الحسن يخرج كلام الشّاعر من قبيل الاتّباع ، أي من كونه تابعا ، أي من كونه سرقة ، ومأخوذا من الشّاعر الأوّل «إلى حيّز الابتداع» إلى الإحداث والابتكار ، فيصير كأنّه غير مأخوذ من الشّاعر الأوّل.