السّبك (١) ، أو الاختصار (٢) أو الإيضاح (٣) أو زيادة معنى [فممدوح (٤)]
أي فالثّاني مقبول.
[كقول بشّار :
من راقب النّاس (٥)] ، أي حاذرهم [لم يظفر بحاجته* وفاز بالطّيّبات الفاتك (٦)
اللهج (٧)] أي الشّجاع القتّال الحريص على القتل ، [وقول سلم] الخاسر (٨) بعده [من
راقب النّاس مات غمّا (٩)] أي حزنا وهو مفعول أو تمييز [وفاز باللذّة الجسور] أي
الشّديد الجرأة ، فبيت سلم أجود سبكا وأخصر لفظا.
[وإن كان]
الثّاني [دونه] أي دون الأوّل في البلاغة لفوات فضيلة توجد في الأوّل [فهو] أي
الثّاني [مذموم كقول أبي تمّام] في مرثيّة محمّد بن حميد :
هيهات لا
يأتي الزّمان بمثله
|
|
إنّ الزّمان
بمثله لبخيل
|
وقول أبي
الطّيّب : [أعدى الزّمان سخاؤه (١٠)] يعني تعلّم الزّمان منه السّخاء
________________________________________________________
(١) بأن يكون
خاليا عن التّعقيد اللّفظي والمعنوي.
(٢) أي
الاختصار المناسب للمقام مثلا.
(٣) أي الإيضاح
المحتاج إليه ، أو زيادة معنى ، فالكلام الثّاني ممدوح مقبول ، لأنّ تلك الفضيلة
أخرجته إلى نوع من البداعة والتّجديد.
(٤) أي إن
اختصّ الثّاني بمثل بعض هذه الفضائل ، فذلك الثّاني ممدوح مقبول.
(٥) أي راعاهم
وحاذرهم فيما يكرهون فيتركه ، وفيما يبتغون فيقدم عليه ، «لم يظفر بحاجته» كلّها ،
لأنّه ، ربّما كرهها النّاس فيتركها لأجلهم فتفوت مع شدّة شوقه إليها.
(٦) أي الجريء
الشّجاع.
(٧) أي الملازم
لمطلوبه الحريص عليه من غير مبالاة ، قتلا كان أو غيره.
(٨) وسمّي
خاسرا لأنّه ورث مصحفا من أبيه ، فباعه ، فاشترى به عودا يضرب به.
(٩) أي لم يصل
لمراده فيبقى مغموما من فوات المراد ، ويشتدّ عليه الغمّ كشدّة الموت.
والشّاهد في
أنّ بيت سلم أجود سبكا لكونه في غاية البعد عن موجبات التّعقيد من التّقديم
والتّأخير ونحوهما. و «أخصر لفظا» ، لأنّه أقام لفظ الجسور مقام مجموع لفظي «الفاتك
اللهج» ، فالسّلم أخذ بعض اللّفظ مع كون كلامه أبلغ من كلام بشّار.
(١٠) وهناك
مصراع ثان لبيت أبي الطّيب ، وهو قوله : ولقد يكون به الزّمان بخيلا.