والمصنّف لم يذكر من هذا القسم إلّا هذا المثال ، وأهمل الثّلاثة الباقية وقد أوردتها في الشّرح ، [وقوله :
فدع الوعيد فما وعيدك ضائري |
|
أطنين أجنحة الذّبابة يضير] |
________________________________________________________
عندكم ، لأنّه لا قدرة لي على القيام بحقّ شكر نعمائكم الكثيرة عليّ ، فالبيت مدح لهم.
وهذا مثال لما وقع أحد الملحقين بشبه الاشتقاق في آخر البيت ، والآخر في حشو المصراع الأوّل ، كقوله : «اختصرتم» لتقدّم «لو» عليه.
ثمّ رجع المصنّف إلى تكميل أمثلة الملحقين اشتقاقا ، وأمّا الثّالث من الملحقين اشتقاقا ، وهو ما يكون الآخر منهما في آخر المصراع الأوّل.
فكقول الشّاعر :
فدع الوعيد فما وعيدك ضائري |
|
أطنين أجنحة الذّبابة يضير |
فبين ضئر ويضير اشتقاق ملحق ، والأوّل منهما في آخر المصراع الأوّل ، والثّاني في العجز ، والمعنى إنّ وعيدك ، أي أخبارك بأنّك تنالني بمكروه دعه ، فإنّه لا يجديك معي شيئا ، لأنّه بمنزلة طنين ، أي صوت أجنحة الذّباب ، وذلك الطّنين لا يبالي به ، فكذا وعيدك.
وأما الرّابع من الملحقين اشتقاقا ، وهو ما يكون فيه الآخر من الملحقين في صدر المصراع الثّاني فكقوله :
وقد كانت البيض القواضب في الوغى |
|
بواتر وهي الآن من بعده بتر |
(الوغى) أي الحرب ، (بواتر) قواطع ، (بتر) بمعنى مقطوع الفائدة.
والشّاهد : في أنّ البواتر في صدر المصراع الثّاني ، والبتر في العجز ، وهما مأخوذان من مادّة البتر ، وهو القطع ، والمعنى أنّ السّيوف البيض القواضب ، أي القواطع من ذاتها كانت في الحروب قواطع لرقاب الأعداء من استعمال الممدوح إيّاها لمعرفته لذلك ، وتدرّبه وشجاعته ، وهي الآن بعد موته (بتر) إلى مقطوعة الاستعمال ، إذ لم يسبق بعده من يستعملها كاستعماله.