وسيجيء (١) الكلام على ما ذكره السّكّاكي [وكذا (٢) قول زهير : صحا] أي سلا (٣) مجازا (٤) من الصحّو ، خلاف السّكر [القلب عن سلمى وأقصر باطله].
________________________________________________________
ما هو مرادف للمشبّه به ، كانت تلك القرينة استعارة تحقيقيّة ، كما في قولك : شجاع يفترس أقرانه ، فالقرينة لاستعارة الأسد للشّجاع عند السّلف تخييليّة ، وهي إثبات الافتراس الّذي هو من روادف الأسد للشّجاع.
وأمّا صاحب الكشّاف فيقول : إنّه شبّه الشّجاع بالأسد ، وادّعى أنّه فرد من أفراده واستعير في النّفس اسمه له على طريق الاستعارة بالكناية ، وشبّه بطش الشّجاع وقتله لأقرانه بافتراس الأسد ، واستعير اسم المشبّه به للمشبّه ، واشتقّ من الافتراس يفترس ، بمعنى يبطش ويقتل على طريق الاستعارة التّصريحيّة التّحقيقيّة التّبعيّة ، فالقرينة حينئذ هي الاستعارة التّحقيقيّة لا التّخييليّة.
(١) أي جواب عمّا يقال : إنّ الشّارح لم يتعرّض في الاستعارة بالكناية هنا إلّا لمذهب السّلف ، ولم يتعرّض هنا لمذهب السّكّاكي فيها. وحاصل جواب الشّارح أنّ مذهبه فيها سيأتي الكلام عليه فلا حاجة إلى التّعرض بمذهبه هنا.
(٢) أي مثل «ولئن نطقت ...» قول زهير ، أي مثله في كون الاستعارة بالكناية والتّخييليّة فيها ممّا يكون به قوام وجه الشبّه.
(٣) أي تفسير صحا بسلا بيان للمعنى المراد من اللّفظ قوله : «سلا» ، مأخوذ من السّلو ، وهو زوال العشق والحزن.
(٤) أي «مجازا» نصب على الحال ، والعامل فيه معنى الفعل المستفاد من كلمة التّفسير ، أي أفسّره بسلا حال كونه مجازا ، فشبّه السّلو الّذي هو زوال العشق من القلب بالصحّو الّذي هو زوال السّكر والإفاقة منه بجامع انتفاء ما يغيب عن المراشد والمصالح ، واستعار اسم المشبّه به للمشبّه ، ثمّ اشتقّ من الصّحو صحا بمعنى سلا ، فصحا بمعنى سلا ، كما قال الشّارع استعارة تصريحيّة تبعيّة ، قوله : «عن سلمى» أي عن حبّ سلمى ، أي رجع القلب عن حبّها بحيث حبّها منه ، وأل في «القلب» عوض عن المضاف إليه ، أي قلبي ، والضّمير في باطله يعود إلى القلب ، وباطل القلب ميله إلى الهوى.