والفرق (١) بين هذا وبين إطلاق المرسن على الأنف ، مع أنّ في كلّ من المرسن والتّقطيع خصوص وصف ليس في الأنف ، وتفريق الجماعة هو أنّ خصوص الوصف الكائن في التّقطيع مرعيّ وملحوظ في استعارته لتفريق الجماعة ، بخلاف خصوص الوصف في المرسن.
والحاصل (٢) إنّ التّشبيه ههنا منظور بخلافه (٣) ثمّة.
________________________________________________________
(١) أي قوله :
والفرق جواب عن سؤال مقدّر ، وتقرير السّؤال كيف جعلوا إطلاق التّقطيع على تفريق الجماعة استعارة! وإطلاق المرسن على أنف الإنسان مجازا مرسلا! مع اشتراك التّقطيع والمرسن الّذي هو اسم لمحلّ الرّسن في وصف ليس ذلك في المعنى المجازي ، وذلك أنّه قد اعتبر في كلّ من المعنى الحقيقي للتّقطيع والمرسن وصف خاصّ به غير موجود في المعنى المستعمل فيه اللّفظ مجازا ، وهو في المرسن التّسطيح في أنف البهيمة يجعل فيه الرّسن ، وفي التّقطيع إزالة الاتّصال بين الأجسام الملتزق بعضها ببعض ، وليس ذلك الوصف الّذي هو في المرسن في الأنف ولا الّذي هو في التّقطيع في تفريق الجماعة ، فلماذا جعل إطلاق التّقطيع على تفريق الجماعة استعارة؟
وإطلاق المرسن على أنف الإنسان مجازا مرسلا؟ بل الحقّ أن يجعل كلّ منهما مجازا مرسلا أو استعارة لعدم الفرق بينهما.
وحاصل الجواب هو الفرق بينهما ، وملخّص الفرق بينهما أنّ العلاقة المعتبرة في المجاز إن كانت مشابهة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي يسمّى استعارة ، وإن كانت غير المشابهة يسمّى مجازا مرسلا ، ثمّ العلاقة بين التّقطيع والتّفريق هي المشابهة كما عرفت ، وهي بين المرسن بمعنى محلّ الرّسن من أنف الدّابّة ، وبين أنف الإنسان هي الإطلاق والتّقييد ، حيث استعمل اسم المقيّد في المطلق ، فلذا كان مجازا مرسلا من باب إطلاق المقيّد على المطلق ، وقوله : «هو أنّ خصوص» خبر عن قوله : «والفرق».
(٢) أي وحاصل الفرق بين التّقطيع والمرسن أنّ المشابهة الّتي هي علاقة الاستعارة ملحوظة في استعارة التّقطيع لتفريق الجماعة.
(٣) أي بخلاف استعمال المرسن في الأنف حيث إنّ التّشبيه غير ملاحظ فيه ، بل لوحظ فيه الإطلاق والتّقييد حيث استعمل اسم المقيّد في المطلق فكان مجازا مرسلا.