شيء ، لأنّه طاهر ، لأنّ ذرق مأكول اللحم طاهر بغير خلاف بين أصحابنا ، فأمّا الجلال : فإنّه غير مأكول اللحم ما دام جلالا ، وقد اتفقنا على نجاسة ذرق غير مأكول اللحم من سائر الطيور ، وقد رويت رواية شاذة لا يعوّل عليها ، انّ ذرق الطائر طاهر ، سواء كان مأكول اللحم أو غير مأكول والمعوّل عند محقّقي أصحابنا والمحصّلين منهم ، خلاف هذه الرواية ، لأنّه هو الذي يقتضيه أخبارهم المجمع عليها.
وحدّ الجلل : هو أن يكون غذاؤه أجمع عذرة الإنسان لا يخلطها بغيرها.
فأمّا المخلط من الدجاج ، فانّ ذرقه طاهر إلا أنّه مكروه ، فأمّا الذي لا يكون جلّالا ولا مخلطا فذرقه طاهر ليس بمكروه ، فقد عاد الدجاج على هذا التحرير على ثلاثة أضرب : منه ما هو نجس ينزح له إذا وقع في ماء البئر خمس دلاء ، وهو ذرق الجلّال. ومنه ما هو مكروه وليس بنجس. ومنه ما ليس بنجس ولا مكروه ، فليتأمّل ذلك.
وسمي جلّالا لأكله الجلة وهي البعر ، إلّا أن قد عاد العرف أنّه هو الذي يأكل عذرة بني آدم دون غيرها من الأبعار والأرواث النجاسات.
فأمّا ما يوجد في التصنيف لبعض أصحابنا من قوله : وروث وبول ما يؤكل لحمه ، إذا وقع في الماء لا ينجس ، إلا ذرق الدجاج خاصة ، فإذا وقع في البئر نزح منها خمس دلاء (١) فإطلاق موهم ، وعبارة فيها إرسال ، فإن أراد الجلّال فيكون استثناء غير حقيقي ، بل مجازيا ، والكلام في الحقيقة ، دون المجاز.
فإن اعتذر له معتذر ، وقال يكون استثناء حقيقيا ، لأنّه قبل كونه جلّالا يؤكل لحمه ، فقد استثنى المصنّف من حاله الاولى فيصير حقيقيا ، فإنه غير وجه في الاعتذار ، وإن أراد المصنّف سواء كان جلّالا أو غير جلّال ، مأكول اللحم أو غير مأكول اللحم ، فقد قدّمنا انّ إجماع أصحابنا منعقد ، والأخبار به متواترة ، وانّ كلّ مأكول اللحم من سائر الحيوان ذرقه وروثه طاهر ، فلا يلتفت إلى خلاف ذلك ، إمّا من رواية شاذة ، أو قول مصنّف معروف ، أو فتوى غير محصّل
__________________
(١) هو الشيخ الطوسي قدسسره في مبسوطة في باب مياه الآبار.