لأنّه لا دليل على سقوطها بعد وجوبها ، لأنّ من ادعى سقوطها بعد موافقته على وجوبها ، فعليه الدلالة ، ومن قال أنّها قضاء بعد ذلك ، فغير واضح ، لأنّ الزكاة المالية والرأسية ، تجب بدخول وقتها ، فإذا دخل ، وجب الأداء ، ولا يزال الإنسان مؤدّيا لها ، لأنّ بعد دخول وقتها هو وقت الأداء في جميعه.
وقال شيخنا أبو جعفر الطوسي في نهايته : الوقت الذي تجب فيه إخراج الفطرة ، يوم الفطر قبل صلاة العيد (١). وذهب في جمله وعقوده (٢) إلى ما ذكرناه أولا واخترناه ، وانّما أورد ما ذكره في نهايته ، من طريق أخبار الآحاد إيرادا لا عملا واعتقادا.
فإن قدّمها إنسان على الوقت الذي قدّمناه ، فيجعل ذلك قرضا على ما بيّناه في زكاة المال ، وتقديمها قبل وجوبها وحلولها ، ويعتبر فيه ما قدّمناه عند وجوبها ، والأفضل لزوم الوقت ، فإن لم يجد لها مستحقا ، عزلها من ماله ، ثمّ يسلّمها إليه ، إذا وجده ، فإن وجد لها أهلا ، وأخّرها وهلكت ، كان ضامنا إلى أن يسلمها إلى أربابها ، فإن لم يجد لها أهلا ، وأخرجها من ماله ، لم يكن عليه ضمان.
وله أن يحملها من بلد إلى بلد ، إذا لم يجد المستحق ، كما أنّ له حمل زكاة المال ، ويعتبر في هلاكها في الطريق ، ما اعتبرناه في هلاك زكاة المال حرفا فحرفا.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته : ولا يجوز حمل الفطرة من بلد إلى بلد (٣).
وهذا على طريق الكراهية ، دون الحظر.
وقال في مختصر المصباح : ويجوز إخراج الفطرة من أول الشهر رخصة.
قال محمّد بن إدريس رحمهالله : لا يجوز العمل بهذه الرخصة (٤) إلا على ما قدّمناه ، من تقديمها على جهة القرض ، وينوي الأداء عند هلال شوال ، وإلا فكيف يكون ما فعل قبل تعلّق وجوبه بالذمة مجزيا عما يتعلّق بها في
__________________
(١) النهاية : كتاب الزكاة ، باب الوقت الذي يجب فيه إخراج الفطرة.
(٢) الجمل والعقود : كتاب الزكاة ، فصل ١٥ في زكاة الفطرة.
(٣) النهاية : كتاب الزكاة ، باب الوقت الذي يجب فيه إخراج الفطرة.
(٤) ج : بهذه الرواية في الرخصة.