يفرّق بالفرق الذي فرّقه الأولون ، فمن جملة من قال بهذا ، ابن أبي عقيل ، في كتابه الموسوم ، بكتاب المتمسك بحبل آل الرسول ، فإنّه قال : ولا زكاة في الدين ، حتى يرجع إلى صاحبه ، فإذا رجع إليه فليس فيه زكاة ، حتى يحول عليه الحول في يده ، وزكاة الدين على الذي عليه الدين ، وإن لم يكن له مال غيره ، إذا كان مما تجب فيه الزكاة ، إذا حال عليه الحول في يده ، بذلك جاء التوقيف عنهم عليهمالسلام. ثمّ قال : ومن استودعه ماله ، وجب عليه زكاته ، إذا حال عليه الحول ، إذا كان ممّا تجب فيه الزكاة ، فإن قيل : فلم لا قلتم في الدين ، كما قلتم في المال المستودع ، إذا كان لك على رجل دين ، وهو عندك ممّن إذا اقتضيته ، أعطاك. قال : قيل له : الفرق بينهما ، أنّ الدين مال مجهول العين ، ليس بقائم ، ولا مشار إليه ، ولا زكاة في مال هذا سبيله ، والوديعة ، سبيلها سبيل ما في منزلي يتولى أخذها بعينها ، وحرام على المستودع الانتفاع بها وإن ضاعت لم يضمن ، وليس له أن يتصرف فيها ، وليس كذلك الدّين ، هذا آخر كلام الحسن بن علي بن أبي عقيل رحمهالله. وكان من جلّة أصحابنا المصنّفين المتكلّمين ، والفقهاء المحصلين ، قد ذكره شيخنا أبو جعفر ، في فهرست المصنّفين ، وأثنى عليه ، وذكر كتابه ، وكذلك شيخنا المفيد كان يثني عليه.
قال محمّد بن إدريس رحمهالله : وإلى هذا القول ، والمذهب أذهب ، لوضوحه عندي ، ولأنّ الأصل براءة الذمة ، فمن أوجب الزكاة على مال ليست أعيانه في ملكه ، يحتاج إلى دليل ، وهذا يدل على ما ننبّه عليه ، من فساد بيع الدين ، إلا على من هو عليه.
وإلى ما اخترناه ، ذهب شيخنا أبو جعفر رحمهالله في كتاب الإستبصار ، فإنّه قال : لا زكاة في الدين ، حتى يقبضه صاحبه ، ويحول بعد ذلك عليه الحول (١). بخلاف قوله في جمله وعقوده (٢).
__________________
(١) الاستبصار : باب ١٢ من أبواب الزكاة
(٢) الجمل والعقود : فصل من كتاب الزكاة.