وأريد (١) النّاس] من قوله عليهالسلام : «النّاس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة». وفي الفائق (٢) : الرّاحلة البعير الّذي يرتحله الرّجل جملا كان أو ناقة ، يعني (٣) أنّ المرضى المنتخب (٤) من النّاس في عزّة (٥) وجوده ، كالنّجيبة المنتجبة الّتي لا توجد في كثير من الإبل ، [وبهذا (٦) ظهر أنّ التّشبيه أعم محلا]
________________________________________________________
عن سؤال مقدّر ، كأنّه قيل : على أي حال رأيتهم ، فقيل مائة منها لا تجد فيها راحلة ، ويحتمل أن تكون مائة نعتا للإبل ، وما بعدها وصف للمائة ، أي إبلا معدودة بهذا القدر الكثير الموصوف بأنّك لا تجد فيها راحلة.
(١) أي بالإبل الموصوفة بالأوصاف المذكورة حال النّاس من حيث عزّة وجود الكامل مع كثرة أفراد جنسه ولا شكّ أنّ وجه الشبّه المذكور خفيّ ، إذ لا ينتقل إلى النّاس من الإبل من هذه الحيثيّة ، وإنّما كانت هذه استعارة تمثيليّة ، لأنّ الوجه منتزع من متعدّد لأنّه اعتبر وجود كثرة من جنس ، وكون تلك الكثرة يعزّ فيها وجود ما هو من جنس الكامل.
(٢) أي هو كتاب للزّمخشري ألفاظ الرّواية ، قال الزّمخشري : «الرّاحلة البعير الّذي يرتحله الرّجل» أي يعدّه للرّجل ، وحمل الأثقال لقوّته.
(٣) أي يريد النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أنّ المرضيّ المنتخب» أي المهذّب من القبائح في عزّة وجوده بين النّاس مع كثرتهم ، كالنّجيب من الإبل القويّ على الأحمال والأسفار الّذي لا يوجد في كثير من الإبل ، وهذا الحديث موجود في صحيح مسلم ، كتاب فضائل الصّحابة ، باب قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : النّاس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة.
(٤) أي المختار من النّاس لحسن خلقه وزهده.
(٥) أي في قلة وجوده مع كثرة أفراد جنسه ، وهذا هو وجه الشبّه.
(٦) أي بجواز إجراء التّشبيه في كلام يقبح فيه سبك الاستعارة ظهر أنّ التّشبيه أعم محلا ، بمعنى أنّه ليس كلّما يتأتّى فيه التّشبيه تتأتّى فيه الاستعارة ، فقد يقال : زيد كالأسد في البخر ، ولا يقال في الحمام أسد ، ويقصد الرّجل الأبخر لانصرافه بدون ذكر وجه الشبّه إلى الرّجل الشّجاع دون الأبخر ، ونبّه بقوله : «محلا» على أنّ العموم من حيث التّحقّق لا من حيث الصّدق ، إذ لا يصدق التّشبيه على الاستعارة كما أنّ الاستعارة لا تصدق على التّشبيه ، ثمّ النّجيبة في قوله : «كالنّجيبة» ، هي النّاقة الكريمة.