إن روعي (١) شرائط الحسن ، ولم تشمّ (٢) رائحة التّشبيه ، وإن لم يراع (٣) فات الحسن ، يقال : ألغز في كلامه إذا عمي مراده ، ومنه اللّغز (٤) ، وجمعه (٥) ألغاز مثل رطب وأرطاب (٦) [كما لو قيل] في التّحقيقيّة (٧) [رأيت أسدا ، وأريد إنسان أبخر (٨)] فوجه الشبّه (٩) بين الطّرفين خفي [و] في التّمثيل [رأيت إبلا مائة لا تجد فهيا راحلة (١٠)
________________________________________________________
(١) أي قوله : «إن روعي» شرط مؤخّر ، وجوابه قوله : «لئلّا تصير الاستعارة إلغازا».
(٢) أي من عطف الخاصّ على العامّ إنّ أريد بشرائط الحسن شرائط حسن الاستعارة أتى به بعد العامّ اهتماما به ، إشارة إلى أنّ المراد من ذلك العامّ ذلك الخاصّ ، لأنّ مناط التّعمية والإلغاز عليه عند خفاء الوجه.
(٣) أي قوله : «إن لم يراع» مقابل لقوله : «إن روعي» ، أي وإن لم تراع شرائط الحسن بأن جيء بوجه الشبّه في أصل التّشبيه الّذي بنيت عليه الاستعارة جليّا ، وكأنّه بحسب أنّ الجلاء أخو الابتذال ، وإذا انتفى عدم إشمام الرّائحة بوجود إشمامها يفوت الحسن.
وبعبارة واضحة : إذا أشمّت الاستعارة رائحة التّشبيه فات حسن التّشبيه ، وبفوات حسنه يفوت حسن الاستعارة.
(٤) أي ومن هذا الاستعمال عند العرب اللّغز بفتح الغين وضمّ اللّام.
(٥) أي جمع اللّغز ، ألغاز بفتح الهمز.
(٦) أي مثل رطب وأرطاب ، في وزن المفرد والجمع.
(٧) أي الّتي خفي فيها وجه الشبّه.
(٨) أي منتن رائحة الفم.
(٩) أي البخر بين الطّرفين ، أي الأسد والرّجل المنتن الفم خفي ، فإنّ صفة البخر في الأسد غير جليّة.
وبعبارة أخرى : إنّ المشبّه وهو الإنسان الأبخر ، والمشبّه به وهو الاسد خفيّ لعدم ظهور كون الأسد أبخر ، وإن كان في نفسه أبخر ، فتكون هذه الاستعارة التّحقيقيّة إلغازا وتعمية ، فلا يظهر أنّ القصد هنا إلى التّشبيه والمجاز ، بل إلى التّحقيقيّة مع أنّ القصد إلى التّشبيه والمجاز دون الحقيقة ، فيفوت إدراك المقصود.
(١٠) أي يحتمل أن تكون جملة استئنافيّة ، أي مائة منها لا تجد فيها راحلة ، فهي جواب