قوله : وحاصل ما أفاده في وجه المنع هو أنّ المفسدة المظنونة ممّا يقطع أو يظنّ بتداركها ... الخ (١).
ولا يخفى ما في عبارة الشيخ قدسسره (٢) من الاجمال ، والأولى في ردّه أن يقال : إنّه قدسسره إن أراد أنّ الأُصول الشرعية النافية للتكليف تكون كاشفة عن تدارك الشارع لتلك المفسدة المحتملة ، إمّا على نحو القطع أو على نحو الظنّ ، ففيه بعد الفراغ عن منع دعوى القطع بذلك ، لأنّ أدلّة تلك الأُصول غير قطعية الدلالة والسند ، وإلاّ لما وقع الخلاف فيها من الأخباريين ، أنّه أوّلاً : موجب لسدّ باب البراءة العقلية ، بل ينحصر الاعتماد في قبال قاعدة دفع الضرر المظنون على البراءة الشرعية وباقي الأُصول الشرعية النافية.
وثانياً : أنّه غير نافع إلاّفي إخراج الضرر المذكور عن كونه مظنوناً ، لكنّه لا ريب في كونه محتملاً أيضاً ولو موهوماً ، ومن الواضح أنّه يجب [ دفع الضرر ] الموهوم كالمظنون ، والشاهد على ذلك هو عدم الاكتفاء بالاطاعة الظنّية عند التمكّن من الاطاعة العلمية القطعية.
اللهمّ إلاّأن يقال : إنّ التدارك مقطوع بواسطة أنّ الدليل على البراءة وإن كان ظنّياً إلاّ أنّه بعد قيام الدليل على حجّيته موجب للقطع بكون حكمنا الظاهري على طبقها ، وحينئذ يكون لازمه وهو التدارك قطعياً ، ولا وجه حينئذ لما تضمّنته عبارة التحرير من كونه ظنّياً من جهة كون دليله ظنّياً ، لما عرفت من أنّ قطعية التدارك تابع لقطعية الحكم الظاهري ، وهو قطعي وإن كان دليله ظنّياً ، لأنّ ظنّية الطريق لا تنافي قطعية الحكم الظاهري ، فتأمّل.
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٢٢٢.
(٢) فرائد الأُصول ١ : ٣٧٦.