[ الكلام في التجرّي ]
قوله : وحاصل هذه الدعوى تتركّب من مقدّمتين ... الخ (١).
ملخّص هاتين المقدّمتين : هو أنّ إرادة المكلّف للفعل الخارجي المتعلّق بموضوع خارجي مثل شرب الخمر إنّما تتعلّق به بعد علمه بكونه شرب خمر ، على وجه يكون تمام المؤثّر في حركته نحوه هو علمه بأنّه شرب خمر ، على وجه لا يكون لكونه خمراً واقعياً تأثير في إرادته ، ويستحيل أن تكون إرادته منبعثة عن الوجود الواقعي ، وإنّما هي منبعثة عن الوجود العلمي ، وحينئذ نقول : إنّه يريد ما علم أنّه شرب خمر ، فتكون إرادته متعلّقة بشرب معلوم الخمرية على نحو يكون العلم تمام الموضوع في عالم تلك الإرادة ، هذا حاصل إحدى المقدّمتين.
وحاصل المقدّمة الأُخرى : هو أنّ التكاليف إيجاباً أو منعاً إنّما تتعلّق بإرادة المكلّف ، فهو في مثل النهي عن شرب الخمر يمنعه من إرادة شرب ما هو معلوم الخمرية ، ويكون ذلك قدراً مشتركاً بين العلم المصيب والعلم المخطئ.
ومن ذلك تعرف أنّ أخذ النتيجة المذكورة من هاتين المقدّمتين لا تتوقّف على أخذ العلم صفتياً في المقدّمة الأُولى ، بل يكفي فيها أخذه على نحو تمام الموضوع ولو بنحو الكشف والطريقية. كما أنّها لا تتوقّف على أخذ الإرادة في متعلّق التكليف معنى اسمياً ، بل بعد تمامية المقدّمة الأُولى يكفي كون متعلّق
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٣٩.