الثاني على أخذ العين من الأوّل ، لكن ذلك لا ينافي نفوذه على نفس المقرّ ولو بالزامه بدفع بدل العين له. وقد حكى في الجواهر الإجماع على ذلك.
ثمّ إنّ ظاهر عبارة الشرائع (١) وإن كان هو الاقرار المتّصل بالاقرار الأوّل ، إلاّ أنّ محلّ النزاع هو الأعمّ ، كما ربما يظهر ذلك من الجواهر ، فإنّه قدسسره يقول في أثناء الكلام : واتّصال الكلام لو أثّر لاقتضى الاختصاص بالثاني الذي هو مقتضى رجوعه بل واستقرّ عليه الخ (٢) ، فإنّ هذه الجملة ظاهرة في أنّه لا خصوصية لاتّصال الكلام ، فراجع وتأمّل.
قوله : وينبغي ختم الكلام في مباحث العلم الاجمالي بالتنبيه على أمر ، وهو أنّه لو تردّد المعلوم بالاجمال بين ما يكون بوجوده الواقعي ذا أثر وبين ما يكون بوجوده العلمي ، كما لو تردّد حال الثوب بين الغصب والنجاسة ... الخ (٣).
قد يقال : إنّ نجاسة الثوب كغصبيته إنّما تؤثّر بوجودها العلمي ، لكن نظره قدسسره إنّما هو فيما لو صلّى ناسياً ذلك المعلوم بالإجمال ، ثمّ بعد الفراغ علم بأنّ الثوب كان نجساً ، فإنّه على تقدير كون النجاسة معلومة بالتفصيل سابقاً ثمّ طرأ النسيان تكون الصلاة باطلة ، وبهذا المقدار يكون أثر النجاسة تابعاً لوجودها الواقعي ، وكلامه قدسسره في هذا الفرع إنّما هو من هذه الناحية ، أعني ناحية نسيان المعلوم الاجمالي ثمّ بعد الفراغ يتبيّن له نجاسة الثوب ، وإلاّ كان الأنسب هو التمثيل لذلك بالماء المردّد بين النجاسة والغصبية ، فإنّ النجاسة بالنسبة إلى
__________________
(١) شرائع الإسلام ٣ : ١٤١.
(٢) جواهر الكلام ٣٥ : ١٣١.
(٣) فوائد الأُصول ٣ : ٨٦.