لا عن حدس.
وأمّا ما ذكره قدسسره من مثال رجوع العامي إلى المجتهد الفاسق أو غير الإمامي ، فليس من قبيل تقييد القطع بما إذا كان من سبب خاصّ ، بل هو من قبيل التقييد بكون القاطع شخصاً خاصّاً.
قوله : وليس هذا في الحقيقة نهياً عن العمل بالعلم ـ إلى قوله ـ بل مرجع ذلك إلى التصرّف في المعلوم والواقع الذي أمره بيد الشارع فالتصرّف يرجع إلى ناحية المتعلّق ـ إلى قوله ـ إذ الحكم الواقعي قيّد بغير ما أدّى إليه القياس ... الخ (١).
ظاهره بل لازمه أنّه لو أدّى القياس الموجب للقطع إلى القطع بالحكم الواقعي ، بحيث إنّه كان ما أدّى إليه القياس هو نفس الحكم الواقعي ، بأن اتّفق أنّ ذلك القياس المؤدّي إلى القطع بالحكم الواقعي كان مطابقاً للواقع ، لكنّه لم يأخذه إلاّ من طريق القياس ، لم يكن الحكم الواقعي المذكور متحقّقاً في حقّ ذلك المستدلّ ، لأنّه حسب الفرض مقيّد بغير ما أدّى إليه القياس ، وهذا ممّا لا يمكن الالتزام به.
فالأولى أن يقال : إنّ رواية أبان (٢) كما لا دلالة فيها على النهي عن العمل بالقطع القياسي ، فكذلك لا دلالة فيها على تقييد الحكم الواقعي بغير ما أدّى إليه القياس ، بل أقصى ما دلّت عليه هو بيان أنّ القياس لا يكون من الأدلّة ، وأنّ السنّة إذا قيست محق الدين ، لكثرة الخطأ في القياس. ثمّ إنّه عليهالسلام ناقشه في مقدّمات قياسه ، وبيّن له القاعدة في معاقلة المرأة للرجل ، وأنّها تعاقله إلى حدّ الثلث من
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ١٣.
(٢) وسائل الشيعة ٢٩ : ٣٥٢ / أبواب ديات الأعضاء ب ٤٤ ح ١.