الإشكال ما أشكله (١) على الترتّب من أنّ الأمر بالمهم وإن لم يكن موجوداً في مرتبة الأمر بالأهمّ ، إلاّ أنّ الأمر بالأهمّ موجود في مرتبة الأمر بالمهم. وحينئذ فالعمدة في الجواب هو أنّ اختلاف الرتبة لا يصحّح اجتماع النقيضين ، وقد أوضحنا ذلك بما لا مزيد عندنا عليه ، فراجع (٢) وتأمّل.
قوله : ولو سلّم عدم شمول الافتراء لما لا يعلم موضوعاً ، فلا أقل من شموله حكماً ، لأنّه جعل في مقابل الإذن ، فتدلّ الآية الشريفة على أنّ كلّ ما لم يؤذن فيه فهو افتراء إمّا موضوعاً وإمّا حكماً (٣).
لا يخفى أنّ مقابلة الإذن إنّما تكون قرينة على أنّ المراد بالافتراء هو ما لم يؤذن فيه ، ومن الواضح أنّ ذلك لا يوجب التوسعة لما لم يعلم الإذن فيه. مضافاً إلى أنّه لو أوجب التوسعة لذلك كان ما لم [ يعلم ] الإذن فيه داخلاً في موضوع الافتراء ، لا أنّه من باب مجرّد الدخول في الحكم.
فالأولى أن يقال : إنّ المراد من قوله تعالى : ( قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ )(٤) هو التقرير باحراز الإذن ، فيكون مقابله عدم إحراز الإذن ، فيكون شاملاً للقول عليه تعالى بغير علم ، ويكون ذلك داخلاً في موضوع الافتراء لا من مجرّد الدخول في الحكم ، فتأمّل.
__________________
(١) كفاية الأُصول : ١٣٤.
(٢) راجع الحاشية المتقدّمة في الصفحة : ٣٠٩ وما بعدها ، وراجع أيضاً الحاشية المفصّلة المتقدّمة في الصفحة : ٤٠ وما بعدها.
(٣) فوائد الأُصول ٣ : ١١٩ ـ ١٢٠.
(٤) يونس ١٠ : ٥٩.