أمره الواقعي الذي تخيّل أنّه قد تعلّق بنفس الدعاء لا يكفي في إتيانه بداعي أمره المتعلّق به بعنوان كونه مقطوع الوجوب ، أعني أمره الآتي من ناحية كونه انقياداً فلاحظ وتأمّل.
قوله : أمّا في الأوّل ، فلأنّ خوف الضيق يكون تمام الموضوع لوجوب المبادرة بالصلاة شرعاً ، ويكون وجوب المبادرة حينئذ نفسياً لا طريقياً إرشادياً ... الخ (١).
لا يخفى أنّ ما حكموا به وادّعي عليه الإجماع من عدم جواز التأخير عند ظنّ الضيق ، وإن أمكن حمله على ما أفاده قدسسره من كون المنع شرعياً ثابتاً بالإجماع ، وأنّ موضوعه هو الأعمّ ، لكن لازمه أنّه لو أخّر في صورة الظنّ بالضيق واتّفق مصادفة ذلك الظنّ للواقع هو استحقاق عقابين ، أحدهما من جهة ترك الصلاة في الوقت ، والآخر من جهة مخالفته لذلك النهي الشرعي ، فيكون قد ترك واجباً وفعل حراماً. وهكذا الحال فيما لو أخّر وظهر الخلاف لكنّه ترك الصلاة عمداً ، فإنّه يلزمه حينئذ العقابان ، ويبعد الالتزام بالتعدّد في أمثال ذلك. كما أنّه لو كان من أوّل الوقت معذوراً بمثل نوم أو إغماء ونحوه ثمّ بعد ارتفاع العذر ظنّ أنّه لم يبق من الوقت إلاّمقدار الصلاة ومقدّماتها ولو مثل التيمّم ، ومع ذلك لم يتحرّك نحو المقدّمات ، وتبيّن أنّ الوقت قد خرج بعد ارتفاع العذر والظنّ المذكور بلحظة مثلاً بحيث انكشف أنّه لا يسع التيمّم ، أو انكشف أنّ ارتفاع العذر كان بعد خروج الوقت ، فإنّ اللازم على هذا القول من موضوعية الظنّ المذكور للحرمة أن يكون مستحقّاً للعقاب ، وهو بعيد فتأمّل.
والأولى أن يقال : إنّ هذا الإجماع لو سلّم فليس هو إجماعاً على حكم
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٥١.