بالواسطة فهو غير واجب الاطاعة ، وحينئذ فلا يجدي مطابقة الحكم المدرك لما صدر عن الحجّة عليهالسلام (١). فإنّ أمثال هذه الكلمات لا معنى لها إلاّعلى ما أفاده الأُستاذ قدسسره من رفع الحكم الذي حصل القطع به من غير طريق الكتاب والسنّة.
ويمكن أن توجّه مقالة الأخباريين بوجه آخر غير ما تقدّم من التوجيهات وذلك بأن توجّه مقالتهم بأنّ الأحكام الواقعية لا أثر لها ما لم تصل إلى درجة الفعلية ، التي هي درجة التبليغ والإعلان ، والمفروض أنّه منحصر بالكتاب والسنّة فلا أثر للحكم الواقعي الذي حصل القطع به من غير الكتاب والسنّة. وهذا توجيه حسن.
ولا يخفى أنّه لا يرد على هذا التوجيه ما تقدّم ذكره من أنّ لازمه هو أنّه لا حكم لذلك القاطع ، بل أقصى ما فيه هو أنّ هذا الحكم الذي حصل القطع به لا من الكتاب والسنّة يكون مورد الشكّ في فعليته إن كان يحتمل أنّه قد بلّغه الحجّة. كما أنّه لا يرد عليه أنّه محتاج إلى إقامة الدليل ، لأنّ هذه المقدّمة وهي أنّه لا أثر للحكم الواقعي ما لم يصل إلى درجة الاجراء والتبليغ كافية في الدلالة عليه.
نعم ، لابدّ لها من ضمّ المقدّمة الأُخرى وهي انحصار التبليغ بالكتاب والسنّة. وهذه المقدّمة الثانية غير بعيدة ، لأنّ المراد من التبليغ هو الإعلان والاجراء ، وصيرورة المولى بصدد تحصيل ذلك الحكم ، ومن الواضح أنّ هذه المرتبة لا يكفي في تحقّقها مجرّد الحكم العقلي ، إلاّ إذا كان بحيث يمكن الاعتماد عليه في حصول ما كان المولى بصدده من الإعلان والاجراء وتحصيله من المكلّفين ، وذلك لا يكون إلاّ إذا كان الحكم العقلي حاصلاً لنوع المكلّفين ، وهو ما يعبّر عنه بكونه فطرياً ، ولا ريب في ندرته ، بل يمكن القطع بعدم تحقّقه
__________________
(١) فرائد الأُصول ١ : ٦٢.