فيه لا يحتاج إلى ما تقدّم (١) فيما نقلناه عنه قدسسره في الدورة الأخيرة من الاستناد في منع الرجوع إلى البراءة إلى كون الشكّ في المحقّق ، أو إلى أنّ أصالة البراءة في المقام من الأُصول المثبتة ، أو إلى أنّها لا تجري من جهة كون الشكّ في الاطاعة العقلية كما تضمّنه التحرير المطبوع في صيدا بقوله ص ٤٥ : ولا مجال للتمسّك بحديث الرفع في رفع هذا الشكّ ، لأنّ مورد جريانه هو ما إذا كان المشكوك من الأُمور التي وضعها ورفعها بيد الشارع إمضاءً أو تأسيساً ، وأمّا الأُمور المشكوك اعتبارها في الطاعة العقلية فلا يكون حديث الرفع متكفّلاً لرفعها ، إلى آخر ما في الصفحة المزبورة (٢) فراجعه وتأمّل.
ثمّ إنّه بعد أن دخلت المسألة في وادي مسألة التخيير والتعيين الشرعيين وكان المرجع فيها هو أصالة الاشتغال ، وكان هذا الأصل ـ أعني أصالة الاشتغال ـ هو المانع من الركون إلى الاطاعة الاحتمالية في مورد التمكّن من الاطاعة الجزمية كان المانع المزبور مختصّاً بخصوص الشبهة الوجوبية مع تنجّز التكليف فيها بالعلم الاجمالي أو بكونها شبهة حكمية قبل الفحص ، فلا تدخل فيه الشبهات الاستحبابية ولا الشبهات الوجوبية الموضوعية قبل الفحص ، فلا مانع من الركون في ذلك إلى الاطاعة الاحتمالية مع التمكّن من الجزمية ، إذ المانع منحصر بما عرفت من أصالة الاشتغال التي لا مورد لها في هذه الشبهات ، ولكن مع ذلك لو أراد المكلّف أن يحتاط فيها لم يكن احتياطه تامّاً إلاّ [ مع ] تعذّر الاطاعة الجزمية ، وإن لم يكن ذلك الاحتياط لازماً عليه كما أشرنا إليه فيما تقدّم ، فتأمّل (٣)
__________________
(١) في الصفحة : ١٧٦ وما بعدها.
(٢) أجود التقريرات ٣ : ٨٠ ـ ٨١.
(٣) [ وجدنا ورقة مرفقة بالأصل أورد قدسسره فيها ما يلي : ]