بتحقّق موضوعه ، وهو مشترك ومتحقّق في صورة خطأ القطع ، كما أنّه متحقّق في صورة إصابته ، هذا غاية توضيح مبنى القول بشمول الخطاب الواقعي لمورد التجرّي.
وفيه : ما لا يخفى ، أمّا المقدّمة الأُولى ففيها : أنّ الارادة وإن كانت متوقّفة على العلم بتحقّق الموضوع ، إلاّ أنّه إنّما يؤثّر فيها باعتبار أنّه طريق إلى متعلّقه ، لا باعتبار نفسه ، فليس العلم بالنسبة إلى الارادة من قبيل الموضوع بل من قبيل الطريق إلى متعلّقه ، فإنّ الهرب إنّما ينشأ عن نفس الأسد الذي يراه العالم بوجوده هناك كما يرى المحسوس ، لا أنّ نفس العلم بما أنّه علم يكون هو العلّة في الانبعاث إلى الهرب ، وهكذا الحال في غيره من الأمثلة. مضافاً إلى أنّ العلم ليس علّة للانبعاث نحو المعلوم ، وإنّما هو من قبيل الداعي ، ويكون خطؤه وعدم إصابته للواقع من قبيل تخلّف الداعي.
وأمّا المقدّمة الثانية ، ففيها : أنّ مناط التكليف وإن كان هو الاختيار ، إلاّ أنّه لا يكون متعلّقاً بنفس الاختيار ، بل بنفس ما تعلّق به الاختيار ، ويكون الاختيار في ذلك ملحوظاً باللحاظ الآلي إلى متعلّقه ، لا أنّه ملحوظ استقلالاً كي يكون هو المكلّف به ويكون التكليف متعلّقاً باختيار ما يراه شرب خمر كي يتمّ بذلك ما رامه من شمول الخطاب لمورد التجرّي ، فتأمّل.
قوله : الجهة الثانية : دعوى أنّ صفة تعلّق العلم بشيء تكون من الصفات والعناوين الطارئة على ذلك الشيء المغيّرة لجهة حسنه وقبحه فيكون القطع بخمرية ماء موجباً لحدوث مفسدة في شربه تقتضي قبحه ... الخ (١).
إن كان المراد بالقبح المذكور هو ما يكون ملاكاً للحكم الشرعي ، وهو ما
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٤١.