ومن الواضح أنّ كلّ واحد من أطراف العلم الاجمالي ليس هو متعلّق العلم.
قوله : والعلم الاجمالي بتعلّق التكليف بأحدهما مانع عن جريانه ... الخ (١).
الظاهر أنّ العلم بنفسه ليس بمانع عن جريان الأصل في أحد الأطراف ، وإنّما يكون مانعاً من الجمع بين الأصلين في كلّ واحد من الطرفين ، ووجه المانعية هو انتهاء ذلك إلى المخالفة القطعية لما هو معلوم في البين من التكليف. ومن ذلك تعرف أنّ أدلّة الأُصول في حدّ نفسها تعمّ أطراف العلم الاجمالي ، وأنّ المانع من ذلك هو لزوم المخالفة القطعية لو جرت في جميع الأطراف ، ولزوم الترجيح بلا مرجّح لو أُريد إجراؤها في بعض دون بعض.
ومن ذلك يظهر أنّه لا فرق بين الوجهين المذكورين في العبارة بقوله : وإن كان المراد الخ ، وأنّ مرجع الوجهين إلى وجه واحد ، فلا وجه لما هو ظاهر العبارة من الاعتراف بصحّة الوجه الأوّل ومنع الوجه الثاني.
وبالجملة : أنّ التكلّم في هذه المباحث الأربعة وقع لغير أوانه ، بل إنّ التكلّم في الأمر الأوّل والثاني من المبحث الخامس وقع أيضاً لغير أوانه ، فإنّ تمام الكلام في هذه المباحث إنّما يكون محلّه هو باب الاشتغال. فالأولى إرجاء تلك المباحث إلى ذلك المبحث إن شاء الله تعالى. ويكون الكلام في هذا المقام مقصوراً على الأمر الثالث والرابع والخامس من الأُمور المتعلّقة بالمبحث الخامس ، فإنّ هذه الأُمور الثلاثة هي التي ينبغي الكلام فيها في هذا المقام ، أعني مقام الاشتغال الاجمالي وأنّه لا تجوز مخالفته القطعية.
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٧٩.