المجتهد ، كما في تحكيم يد المسلم مثلاً على أصالة عدم التذكية ، وإخبار ذي اليد بالنجاسة على أصالة الطهارة مثلاً ، ومن ذلك تحكيم بعض هذه الأُصول الجارية في الشبهات الموضوعية على بعضها في أبواب الخلل ، بل تحكيم الأصل الواحد على نفسه ، كما في من فاتته سجدتان ولم يعلم أنّهما من ركعة واحدة أو من ركعتين ، في أنّ الجاري هو قاعدة الفراغ أو التجاوز في الركعة الأُولى أو الثانية ، أو أنّهما يتعارضان ، كلّ ذلك شغل المجتهد ولا حظّ فيه للمقلّد.
وبالجملة : أنّ في الشبهات الموضوعية عين تلك المقامات الأربعة في الشبهات الحكمية ، فأمارات وأُصول إحرازية ، وأُصول شرعية غير إحرازية ، وأُصول عقلية ، والأمارات مثل إخبار ذي [ اليد ] بنجاسة ما تحت يده ، ومثل اليد في كونها أمارة الملكية ، ومثل الإقرار ، لكن بعد الرجوع إلى المجتهد في مفاده ، لأنّ ذلك راجع إلى إعمال قواعد الظهور اللفظي ، وذلك ممّا يعجز عنه المقلّد ، وبعد تنقيح ظهوره يكون كسائر الأمارات والقواعد والأُصول الجارية في الشبهات الموضوعية ، في أنّ المرجع في تعيين مواردها وتمييز الحاكم منها على المحكوم إنّما هو المجتهد دون المقلّد ، فما أفادوه من [ أنّ ] إعمالها يكون مشتركاً بين المجتهد وغيره ، لا يخلو عن خفاء ، بل قد يكون من خصائص المجتهد ، فتأمّل.
قوله : وإنّما قيّدنا مجرى الاستصحاب بلحاظ الحالة السابقة ، ولم نكتف بمجرّد وجودها ـ إلى قوله ـ إذ هناك من ينكر اعتبار الاستصحاب كلّية ، أو في خصوص الأحكام الكلّية ، أو في خصوص الشكّ في المقتضي على اختلاف الأقوال فيه ... الخ (١).
لا يخفى أنّ الثاني وهو من لا يعلم بالتكليف أصلاً ولو بجنسه ، لا وجه
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٤ ـ ٥.