يرويه الآحاد ، وينفرد به راويه شاذّاً عن مجموعة أصحابنا ، وهذا النحو من الشواذ لو قلنا إنّه حجّة كان محلّلاً للحرام ومحرّماً للحلال ممّا هو موجود في نحلتنا وطريقتنا ، وإن كان هذا تأويلاً بعيداً إلاّ أنّه لابدّ من الالتزام به.
والحاصل : أنّ مثل هؤلاء لا يمكن الجزم بظواهر كلماتهم خصوصاً مثل سيّد المذهب ورئيسه ، وكيف يعقل أن نجزم بأنّه لا يرى العمل بما اشتملت عليه كتب أصحابنا وكلّها أخبار آحاد ، بل أعظم من ذلك أنّه يدّعي عليه الإجماع ، دع عنك أنّا لو أسقطنا ما في الكتب المزبورة مثل الكافي وغيره ممّا كان في عصره لكان فقهنا فقهاً آخر ، أفتراه أنّه غير مطّلع على مذهبنا الذي هو أُسّه وأساسه ، فينسب إليه أنّه لا يعمل فيه بأخبار [ الآحاد ] ، كلّ ذلك لا يمكن التصديق به ، ولأجل ذلك لابدّ من تأويل كلماته بنحو ما عرفت. ومثله ابن قبة ، فإنّه على ما ذكره الشيخ أقدم من السيّد ، لكن ذلك ـ أعني قدمه ـ لا يصحّح لنا أن ننسب إليه دعوى كون الأخبار قطعية الصدور والدلالة الذي هو الانفتاح التامّ ، فإنّ ذلك أيضاً ممّا لا يمكننا نسبته بظاهره لأحد من علمائنا المتقدّمين ، فلاحظ وتأمّل.
قوله : الأوّل : أن تكون الأمارة سبباً لحدوث مصلحة في المؤدّى تستتبع الحكم على طبقها ، بحيث لا يكون وراء المؤدّى حكم في حقّ من قامت عنده الأمارة ، فتكون الأحكام الواقعية مختصّة في حقّ العالم بها ـ إلى قوله : ـ وهذا هو التصويب الأشعري الذي قامت الضرورة على خلافه وقد ادّعي ( المدّعي هو الشيخ ) تواتر الأخبار على أنّ الأحكام الواقعية يشترك فيها العالم والجاهل ، أصابها من أصاب وأخطأها من أخطأ ... الخ (١).
والوجه في رجوعه إلى تصويب الأشاعرة ، لأنّ الأحكام حينئذ لا تكون
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٩٥.