ذلك التخيير بما إذا عجز عن الأوّل ، وأنّه عند عدم العجز عنه يكون المتعيّن هو الأوّل ، وحينئذ يكون المرجع في ذلك التقييد هو البراءة.
إلاّ أن يقال : إنّ المستفاد من متمّم الجعل هو الاتيان بداعي الامتثال المعلوم وأقصى ما في البين قيام الدليل على صحّة الاحتياط ، وهو منحصر بما إذا لم يمكن الحصول على العلم بالأمر. لكن ذلك لا يخرج عن كون الأمر الأوّل مقيّداً بداعي الامتثال المعلوم ، ومع الشكّ في هذا القيد يكون المرجع هو البراءة. على أنّ تقييد مشروعية الاحتياط بما إذا لم يمكن الحصول على العلم بالأمر ممنوع ، بل أقصى ما في البين هو مشروعية الاحتياط عند عدم العلم بالأمر ، سواء أمكن تحصيل العلم أو لم يمكن ، فلاحظ وتدبّر.
قوله : وما ربما يتوهّم من أنّه كيف يكون الظنّ بناءً على الكشف في عرض العلم مع أنّ اعتباره موقوف على انسداد باب العلم ، فهو واضح الفساد ، فإنّ المراد من انسداد باب العلم انسداده في معظم الأحكام لا في جميعها ، ففي المورد الذي يمكن تحصيل العلم مع انسداد بابه في معظم الأحكام يكون الظنّ المستنتج حجّيته من مقدّمات الانسداد بناءً على الكشف في عرض العلم ... الخ (١).
يمكن التأمّل في ذلك ، فإنّ انفتاح باب العلم في مورد خاصّ ومسألة خاصّة وإن لم يوجب سقوط مقدّمات الانسداد في معظم الأحكام ، إلاّ أنّ ذلك لا يوجب حجّية الظنّ المطلق في خصوص ذلك المورد ، بل الذي يكون حجّة في ذلك المورد هو العلم فقط ، لفرض تمكّنه منه ، فلا يعقل أن يكون الظنّ المستنتج حجّيته بمقدّمات الانسداد في معظم الأحكام حجّة في ذلك المورد ، كي يكون
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٧٠ ـ ٧١.