تنزيلها منزلة العلم ـ إنّما يتمّ في العلم الموضوعي دون الطريقي الصرف ، كما شرحناه مفصّلاً في أوائل مباحث القطع فراجع (١).
قوله : لأنّ المجعول فيها هو البناء العملي على أحد طرفي الشكّ على أنّه هو الواقع ، وإلغاء الطرف الآخر وجعله كالعدم ... الخ (٢).
لا يخفى أنّه قدسسره في الدورة الأخيرة قد عدل عن ذلك ، أعني كون مفاد الأُصول التنزيلية هو لزوم البناء العملي ، بل جعل مفاد دليل حجّيتها هو نفس مفاد دليل حجّية الأمارة من الوسطية في الإثبات ، لكنّه في خصوص الأُصول التنزيلية من حيث الجري العملي ، فراجع ما حرّر عنه في التحريرات المطبوعة في صيدا بقوله : وإنّما المجعول هي الوسطية في الإثبات من حيث انكشاف الواقع في الأمارات ، ومن حيث الجري العملي في الأُصول التنزيلية ـ فراجعه إلى قوله ـ بل يمكن أن يقال باستحالة كون الحجّية فيها منتزعة من الحكم التكليفي أيضاً ، فإنّا إذا فرضنا مخالفة مؤدّى الأصل للواقع ، فحكم الشارع بجعل مؤدّاه هو الواقع ليس له معنى معقول إلاّإعطاء الحكم الواقعي للمؤدّى ، وهذا يرجع إلى التصويب المعتزلي المجمع على بطلانه ، إلى آخر البحث (٣).
ثمّ إنّه قد يتخيّل الإيراد عليه بأنّ مقتضاه كون الاستصحاب مساوياً للأمارة ، لأنّ كلاً منهما حينئذ يكون مجعول الحجّية ، وبعد جعل الحجّية يترتّب عليها آثارها الشرعية والعقلية ، ومقتضى ذلك هو الالتزام بحجّية الأُصول المثبتة كما التزمنا به في باب الأمارات. ومجرّد كون الشكّ موضوعاً في الأُصول الاحرازية
__________________
(١) الحاشية المتقدّمة في الصفحة : ٦٦ وما بعدها.
(٢) فوائد الأُصول ٣ : ١١٠.
(٣) أجود التقريرات ٣ : ١٣٤ ـ ١٣٥.