الشيخ يتوقّف على حجّية إخبار المفيد ، فكان إحراز كون المفيد مخبراً يتوقّف على حكمه الذي هو حجّيته ، وقد تقدّم أنّه محال فيما تقدّم من الجهات السابقة.
وفيه : ما لا يخفى ، فإنّ ما تقدّم من المحالية إنّما هو كون الحكم محقّقاً لموضوع نفسه ، وأمّا أنّ إحراز الموضوع يتوقّف على حكمه الواقعي فهذا ليس بمحال ، بل إنّ جميع الموارد التي يحرز بها موضوع الحكم ، سواء كان ذلك بأمارة أو أصل إحرازي ، يكون إحراز موضوع ذلك الحكم متوقّفاً فيها على الحكم ، لأنّه إذا لم يكن الموضوع ذا حكم واقعي لا يجري فيه دليل الإحراز فتأمّل.
قوله : الأمر الأوّل : كلمة « لعلّ » مهما تستعمل تدلّ على أنّ ما يتلوها يكون من العلل الغائية ... الخ (١).
لا يخفى أنّ هذا أعني تبعية ما بعد لعلّ الغائية لما قبلها في الحكم إذا كانت اختيارية ، إنّما يتمّ فيما لو كانت من أفعال فاعل ذي الغاية ، مثل قولك اقطع المسافة لعلّك تدخل المسجد ، أمّا إذا لم تكن من أفعاله بل كانت من أفعال غيره مثل قولك عظ زيداً لعلّه يتّعظ ، وقولك أخبره لعلّه يقبل منك ، أو لعلّه يعمل بما تخبره به ، فلا دليل على أنّه تابع في الحكم لما قبلها ، بل هو من قبيل الغاية غير الاختيارية بالنسبة إلى المخاطب بذي الغاية. وحينئذ لابدّ في دعوى دلالة الآية الشريفة على وجوب الحذر الذي هو عبارة عن العمل من سلوك طريق آخر غير هذا الطريق الذي تضمّنته هذه المقدّمة ، وذلك مثل دعوى كون « لعلّ » في المقام دالّة على الوجوب ، أو لا أقل من حسن الحذر الملازم لوجوبه ، ونحو ذلك ممّا يذكرونه للدلالة على وجوب الحذر ، أمّا مجرّد أنّه لو لم يقبل الانذار لغى وجوبه ،
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ١٨٥.