على وجه تكون معلومية شرب الخمر واقعة تحت الارادة ، ليكون المراد هو ما علم كونه شرب خمر ، هذا حال المقدّمة الأُولى.
ومنه يتّضح لك الحال في المقدّمة الثانية ، فإنّ طلب الطالب ونهيه من الأفعال الاختيارية له ، والغاية له من ذلك الفعل الاختياري ـ أعني إيجاد ذلك الأمر أو ذلك النهي ـ والفائدة المترتّبة عليه هو تحريك إرادة المكلّف نحو الفعل بإيجاد الداعي له إلى ذلك الفعل ، فهي ـ أعني إرادة العبد نحو الفعل ـ لا تكون بالنسبة إلى إرادة المولى إلاّواقعة في مرحلة الداعي إلى إيجاد إرادته التي هي الطلب أو النهي ، فكيف يعقل أن تكون نفس تلك الارادة من العبد متعلّقة لارادة المولى ، وذلك واضح لا ريب فيه ، هذا ما أفهمه.
أمّا ما اشتمل عليه هذا التحرير ، وكذلك التحرير المطبوع في صيدا (١) من التطويل في بيان هاتين المقدّمتين وفي بيان ردّهما ، فممّا لم أتوفّق لفهمه ، وهناك عبائر لا تخلو من الخلط بين الداعي والقيد ، فراجع وتأمّل.
قوله : مع أنّ هذه الدعوى لا تصلح في مثل ما إذا علم بوجوب الصلاة ولم يصلّ وتخلّف علمه عن الواقع ، فإنّ البيان المتقدّم لا يجري في هذا القسم من التجرّي كما هو واضح (٢).
الظاهر أنّ هذه الطريقة لا تتأتّى في التجرّي الذي يكون بنحو الشبهة الحكمية ، سواء كان في الواجبات أو كان في المحرّمات ، فإنّ المدار في هذه الطريقة على كون الفعل الذي يتجرّى به له تعلّق بموضوع خارجي ، وكان ذلك الموضوع هو مورد الخطأ. أمّا إذا كان مورد الاشتباه هو نفس الحكم الشرعي ، بأن
__________________
(١) أجود التقريرات ٣ : ٤٣ وما بعدها.
(٢) فوائد الأُصول ٣ : ٤١.