وبالجملة : أنّ مجرّد الظنّ بأنّ المراد هو المعنى الفلاني لا يلازم الظهور العقلائي الذي لابدّ أن يكون راجعاً إلى أحد الأُصول العقلائية ، هذا كلّه فيما لو كان قول اللغوي في تعيين الوضع.
أمّا لو كان في بيان مورد الاستعمال فعدم الركون إليه وعدم الاعتماد على الظنّ الحاصل منه أوضح وأظهر ، إذ لا دخل للظنّ الحاصل من قوله بأنّ الصعيد يستعمل في مطلق وجه الأرض بما أُريد به في الآية المباركة ، ولو صرّح اللغوي بأنّه في الآية المباركة مستعمل في مطلق وجه الأرض لم يكن ذلك القول منه إلاّ كقول أحد المفسّرين المتخرّصين.
وعلى كلّ حال ، أنّ قياس الظنّ الحاصل من قول اللغوي بالظنّ الحاصل من قول الرجالي ممنوع ، فإنّ ذلك الظنّ يدرج الخبر في موثوق الصدور ، بخلاف هذا الظنّ فإنّه لا يدرجه في كبرى الظهور ، وأقصى ما فيه هو حصول الظنّ بأنّ المراد هو المعنى الفلاني ، ولا دخل لذلك بكبرى الظهور وصغراه ، فتأمّل.
قوله : فإنّ الواجب على الإمام عليهالسلام إنّما هو بيان الأحكام بالطرق المتعارفة ، وقد أدّى ما هو وظيفته ، وعروض الاختفاء لها بعد ذلك لبعض موجبات الاختفاء لا دخل له بالإمام عليهالسلام حتّى يجب عليه إلقاء الخلاف ... الخ (١).
أفاد قدسسره ما محصّله : أنّ المستند في دعوى لزوم إلقاء الخلاف إنّما هو دفع اعتقاد كون مورد الإجماع حقّاً ، استناداً إلى ما روي عن النبي صلىاللهعليهوآله من عدم اجتماع الأُمّة على خطأ (٢) ، ولم يصحّ ذلك عندنا ما لم يكن المعصوم داخلاً فيهم.
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ١٥٠.
(٢) بحار الأنوار ٢ : ٢٢٥ / كتاب العلم ب ٢٩ ح ٣ ، كنز العمّال ١٢ : ١٥٦ / ٣٤٤٦١ والموجود في كلا المصدرين : « على ضلالة ».