إنّما هو لحاظك المعلول لا وجوده الخارجي ، والموجود مع العلّة إنّما هو الوجود الخارجي للمعلول لا الوجود الذهني للمعلول ، ومن المعلوم أنّ عدم الوجود الذهني للمعلول إنّما يناقض وجوده الذهني ، ولا يناقض وجوده الخارجي ، فليس العدم الذهني مناقضاً للوجود الخارجي كي يقال إنّ المصحّح لاجتماعهما هو اختلاف الرتبة.
ومن ذلك كلّه يظهر لك أنّ الحكم اللاحق للعلّة لا يعقل كونه مناقضاً أو مضادّاً للحكم اللاحق للمعلول ، وإن كان الموضوعان أعني العلّة والمعلول مختلفين رتبة ، إذ لا أثر لهذا الاختلاف في الرتبة إلاّتقدّم الوجود الذهني للأوّل على الوجود الذهني للآخر ، والمفروض أنّ الحكم اللاحق للأوّل وكذلك الحكم اللاحق للثاني إنّما يلحق الوجود الخارجي الذي لا تقدّم فيه لأحدهما على الآخر فلا يخرج بذلك عن اجتماع الضدّين أو النقيضين ، فلاحظ وتأمّل.
واعلم أنّ صاحب الكفاية قدسسره منع من تصحيح الجمع بين الأحكام الواقعية والأحكام الظاهرية بتعدّد الرتبة. لكن منعه من ذلك ليس من جهة ما ذكرناه من أنّ هذا التعدّد إنّما هو في الوجود الذهني ، وأنّه لا يجدي في الجمع بين الحكمين المتضادّين أو المتناقضين ، لأنّ موردهما هو الوجود الواقعي الخارجي ، بل لم يكن [ منعه ] من ذلك إلاّمن جهة دعوى أنّ الحكم الظاهري وإن كان في المرتبة المتأخّرة عن الحكم الواقعي ، إلاّ أنّ الحكم الواقعي يكون متحقّقاً في مرتبة الحكم الظاهري ، فإنّه قال : كما لا يصحّ ( التوفيق ) بأنّ الحكمين ( يعني الواقعي والظاهري ) ليسا في مرتبة واحدة بل في مرتبتين ، ضرورة تأخّر الحكم الظاهري عن الواقعي بمرتبتين ، وذلك لا يكاد يجدي ، فإنّ الظاهري وإن لم يكن في تمام مراتب الواقعي إلاّ أنّه ( يعني الحكم الواقعي ) يكون في مرتبته أيضاً ( يعني في