والظاهر أنّه لا يمكن الالتزام به ، وحينئذ ينبغي البحث في المقرّ له أوّلاً ، ومنه يعرف الحال في المقرّ له ثانياً.
فنقول بعونه تعالى : لو أقرّ صاحب اليد على العين بأنّها لزيد مثلاً ، فزيد تارةً يكون قاطعاً بالخلاف بأن يكون قاطعاً بأنّها ليست له ، وتارةً يكون شاكّاً في ذلك ، وثالثة يكون قاطعاً بأنّها له. ففي الصورة الأُولى لا يجوز له أخذها وإن وجب على المقرّ دفعها له. والظاهر أنّ الحكم كذلك في الصورة الثانية ، نظراً إلى أصالة الحرمة في الأموال ، إلاّأن نقول : إنّ الاقرار من ذي اليد يكون أمارة على أنّه مالك للعين ، فيجوز له حينئذ أخذها بهذا الاعتبار ، لكن لو سوّغنا له أخذها بهذا الاعتبار ، فلا يمكننا القول بأنّه يسوغ له أن يأخذ بدلها بطريق الشراء مثلاً من المقرّ له ثانياً ، للعلم الاجمالي بخطأ أحد الاقرارين. وأمّا في الصورة الثالثة ، وهي ما لو كان المقرّ له أوّلاً قاطعاً بأنّ العين له ، فلا إشكال في أنّه يجوز له أخذها وإن لم يكن في البين إقرار ، ولا أثر للاقرار في حقّه إلاّمن حيث إنّ الاقرار يكون نافذاً على صاحب اليد الذي هو المقرّ بلزوم رفعه يده عنها وتسليمها له ، لكن لا يجوز له حينئذ أن يأخذها من صاحب اليد ويأخذ بدلها من المقرّ له ثانياً بطريق الشراء مثلاً ، لأنّ مقتضى قطعه بأنّه هو المالك للعين هو عدم استحقاق الثاني لأخذ البدل.
ومن ذلك كلّه يظهر الحال في المقرّ له ثانياً ، فإنّا لو أغضينا النظر عن شبهة شيخ الطائفة قدسسره كما حكاه عنه الآشتياني قدسسره في حاشيته على الرسائل (١) بأنّ الاقرار الثاني غير نافذ لكونه من قبيل الاقرار في حقّ الغير ، وقلنا بنفوذ الاقرار الثاني أيضاً كالأوّل ، نقول : إنّ المقرّ له ثانياً يتأتّى فيه الصور الثلاث المذكورة ، فلو كان
__________________
(١) بحر الفوائد ١ : ٥٢.