قوله : بناءً على كون التوبيخ لأجل القضاء بما لا يعلم ، لا لأجل التصدّي للقضاء مع عدم كونه أهلاً له (١).
يمكن أن يقال : إنّ القضاء ليس من باب الافتاء والحكاية عن الحكم الواقعي ، بل هو من باب الانشاء والجعل من قبل القاضي ، غايته أنّه لابدّ في ذلك من كونه مطابقاً للحكم الشرعي ، سواء كان في الشبهات الحكمية أو كان في الشبهات الموضوعية ، فلا يكون التوبيخ عليه مع فرض عدم العلم بأنّه مطابق للحكم الشرعي دليلاً على حرمة النسبة إليه تعالى والحكاية عنه تعالى مع عدم العلم بذلك ، وإن اشترك البابان في الحرمة مع عدم العلم ، فإنّه كما تكون الحكاية والفتوى مع عدم العلم حراماً ، فكذلك الحكم الانشائي القضائي في مقام فصل الخصومة مع عدم العلم ، لأنّ الشرط في جواز القضاء هو العلم بأنّ ما يقضي به مطابق للواقع ، فتأمّل.
واعلم أنّه قد استدلّ على أصالة عدم الحجّية بعموم ما دلّ على المنع عن العمل بالظنّ ، ولم يخرج عنه إلاّما ثبت اعتباره بالخصوص ، فبقي الباقي تحت العموم المذكور. وقد تعرّض له شيخنا قدسسره في الدورة الأخيرة ، فقال فيما حرّرته عنه قدسسره ما هذا نصّه : وفيه أنّ خروج ما ثبت اعتباره بالخصوص لم يكن بالتخصيص ، بل كان بالتخصّص ، حيث إنّ دليل الحجّية لمّا كان متكفّلاً لإلغاء احتمال الخلاف ، لم يكن الأخذ به والاستناد إليه استناداً إلى الظنّ ، بل كان استناداً إلى العلم بذلك الدليل الدالّ على إلغاء احتمال الخلاف ـ إلى أن قال : ـ فإذا شككنا في حجّية ظنّ بالخصوص كان ذلك عبارة أُخرى عن الشكّ في إلغاء احتمال الخلاف فيه ، فيكون التمسّك بذلك العموم في مقام الشكّ المذكور من قبيل
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ١٢٠.