العقل شاكّاً ، ولو سلّمنا تحقّق الشكّ منه في ذلك مع فرض كون المسألة موكولة إليه وفرض أنّ الشارع لم يقم دليل من ناحيته على التصرّف ، فمن يكون هو المستفتى في المسألة ، وهل يكون حينئذ معنى محصّل للرجوع إلى البراءة عقليّها ونقليّها ، كلّ ذلك سيتّضح لك إن شاء الله تعالى فيما ننقله عمّا حرّرناه عنه قدسسره (١) ومنه أيضاً يتّضح لك الوجه في هذه المقدّمة في كيفية تصرّف الشارع في مقام الاطاعة.
قوله : ولا يقاس الشكّ في اعتبار شيء في كيفية الاطاعة العقلية بالشكّ في اعتبار مثل قصد التعبّد والوجه ، لما عرفت من أنّ اعتبار مثل قصد التعبّد والوجه إنّما يكون بتقييد العبادة شرعاً بذلك ولو بنتيجة التقييد ... الخ (٢).
إذا كانت الاطاعة العقلية التي حكم العقل باعتبارها هي عبارة عن الاتيان بالفعل بداعي الأمر كما مرّ (٣) تفسيرها بذلك ، فهذا هو عبارة أُخرى عن العبادية وحينئذ لا يكون قصد التعبّد محتاجاً إلى التصرّف الشرعي الذي هو المعبّر عنه بمتمّم الجعل ، هذا كلّه نظراً إلى ما يتراءى من عبارة الكتاب.
ولكن يمكن أن يقال : إنّ للعقل في باب الاطاعة حكمين : أحدهما إلزامي من باب الخوف من العقاب أو من باب شكر المنعم ، وهذا المقدار من الحكم العقلي لا يتعلّق بأزيد من الاتيان بما تعلّق به الأمر في قبال العصيان وعدم الاتيان بذلك المتعلّق ، وهو مشترك بين التوصّليات والتعبّديات ، وهو أيضاً غير قابل
__________________
(١) في الصفحة ١٧٦ وما بعدها.
(٢) فوائد الأُصول ٣ : ٦٩.
(٣) في الأمر الأوّل من فوائد الأُصول ٣ : ٦٦.