حكم العقل وحكم الشرع بناءً على عدم تبعية الأحكام الشرعية للمصالح والمفاسد ، أو منع قاعدة اللطف.
وعلى كلّ حال ، أنّه قد حقّق في محلّه (١) محصّل الحكم الشرعي تكليفياً كان أو وضعياً ، وأنّه إنّما يكون بجعل الشارع ، وأنّه لا وجود له واقعاً قبل جعله. أمّا الأحكام العقلية فمنها ما يسمّونه المستقلاّت العقلية ، مثل حكمه بمحالية اجتماع النقيضين ، أو التفكيك بين المتلازمين ، أو تقدّم المعلول على علّته ، ونحو ذلك من أحكامه العقلية.
ولكن من الواضح أنّ حكم العقل بذلك ليس هو على وتيرة ما سبق من الحكم الشرعي بحرمة الشيء من كون الحاكم هو الجاعل لذلك الحكم ، وأنّه لا وجود له قبل جعله ، إذ من الواضح أنّ عدم إمكان اجتماع النقيضين متحقّق وثابت في الواقع ، لا أنّ العقل يجعله من قبل نفسه كما يجعل الشارع الحرمة ، فليس للعقل في ذلك إلاّالادراك والتصديق والموافقة على تطبيق كبرى المحال على اجتماع النقيضين. فهل أنّ حكمه بالحسن والقبح من قبيل حكمه بمحالية اجتماع النقيضين في أنّه لا نصيب فيه للعقل إلاّالادراك والانكشاف ، كما أنّ طول الشيء أمر واقعي وليس للبصر فيه إلاّالادراك والانكشاف ، أو أنّ حكمه بذلك من قبيل حكم الشارع بحرمة الشيء ليكون الحسن أو القبح مجعولاً عقلاً كما تكون الحرمة مجعولة شرعاً ، أو لا هذا ولا ذاك ، بل ليس في البين إلاّميل العقل لما نسمّيه حسناً واشمئزازه عمّا نسمّيه قبيحاً ، أو عن ذلك الميل ننتزع عنوان الحسن فنقول : إنّه حسن عقلاً ، أو عن ذلك الاشمئزاز ننتزع عنوان القبح فنقول إنّه قبيح
__________________
(١) راجع فوائد الأُصول ٤ : ٣٧٨ وما بعدها ، وحواشي المصنّف قدسسره على ذلك تأتي في المجلّد التاسع من هذا الكتاب في الصفحة : ١٤٦ وما بعدها.