قوله : بل كان ممّا سكت الله تعالى عنه وأمر الحجج بعدم تبليغه إلى الأنام ، ولكن دون حصول الشكّ أو الظنّ بذلك خرط القتاد ، بل من المحالات العادية ... الخ (١).
لا يقال : إنّ احتمال كون مدلول الشهرة لم يكن مقول قول المعصوم عليهالسلام وأنّه لم يصدر عنه عليهالسلام ، لا يلزمه احتمال أنّ الواقعة لا حكم فيها قد بلّغه المعصوم كي يدخل بذلك في المحالات العادية ، بل يجوز أنّ الحكم في تلك الواقعة قد بلّغه المعصوم ولكن قامت الشهرة على خلافه ، بأن تقوم الشهرة على كون الحكم في الواقعة هو الاباحة مثلاً ، ولكن يكون الحكم الواقعي الذي بلّغه المعصوم هو الحرمة.
لأنّا نقول : مراده قدسسره أنّ الظنّ [ بالحكم ] الحاصل من الشهرة [ الذي ] هو الاباحة ملازم لكون ذلك الحكم الذي هو الاباحة قد بلّغه المعصوم ، فيكون موجباً للظنّ بأنّه مدلول السنّة ، فلا خصوصية للظنّ الحاصل من خبر الواحد ، إلاّ إذا كان الظنّ الحاصل من الشهرة منفكّاً عن الظنّ بالسنّة ، بأن يظنّ أو يشكّ في كون ذلك الحكم الذي قامت عليه الشهرة لم يبلّغه المعصوم ، وهو محال عادةً.
ثمّ لا يخفى أنّ دعوى الضرورة على الرجوع إلى الكتاب والسنّة إنّما يتمّ في خصوص قطعي الدلالة ، أمّا ما يحتاج منهما إلى إعمال قواعد الظهور والأُصول العقلائية فليس ممّا قامت الضرورة عليه ، وحينئذ نحتاج إلى دعوى العلم الاجمالي بوجود الأحكام في ضمن تلك الظواهر ، أو دعوى العلم الاجمالي
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٢١٢.