بواسطة علمه بالأسباب التي توصله إليه. ولعلّ ما يحكى عن الشيخ قدسسره (١) من تسليم قبح الرجوع إلى الظنّ مع انفتاح باب العلم ناظر إلى هذه الصورة ، أعني صورة التمكّن من الحصول على الواقع بواسطة أنّ لديه أسباباً معلومة له تفصيلاً توصله إليه إذ لا ريب في قبح الركون إلى الأدلّة الظنّية في هذه الصورة ، لكونها مفوّتة للمصالح الواقعية ، ولا معنى لأن يقال : لعلّ خطأ الأمارات يكون بمقدار خطأ الأسباب المذكورة ، لأنّ المفروض أنّ تلك الأسباب لا خطأ فيها أصلاً.
وبعبارة أُخرى : أنّه كانت لديه أسباب توصله إلى الواقع بحيث كان باب الواقع منفتحاً عنده ، لا أنّه انفتاح فعلي ، بل هو انفتاح بالقوّة ، لأنّ لديه أسباباً توصله إليه لو حصلها وسلكها. أمّا إذا لم يكن للمكلّف إلاّأسباب يعلم أنّه لو حصلها لحصل له العلم بالواقع ، لكنّه قبل تحصيلها يعلم بأنّها ربما كان بعضها يخطئ الواقع ، إذ لا تنافي بين العلم بأنّ تلك الأسباب تفيده العلم بالواقع لو حصلها وبين العلم بأنّ بعضها في الجملة يقع فيه الخطأ ، وإنّما التنافي بين العلم الفعلي بالواقع وبين احتمال خطأ ذلك العلم ، لكن ذلك ـ أعني حصول العلم الفعلي بالواقع ـ راجع إلى الصورة الأُولى التي قد مرّ أنّ حجّية الأدلّة الظنّية لا تشمله ، وإنّما الكلام في هذه الصورة أعني صورة عدم حصول العلم الفعلي ، وأنّ الحاصل إنّما هو العلم بأنّ لديه أسباباً لو حصلها لحصل له العلم بالواقع ، والمراد بانفتاح باب العلم هو هذه الصورة ، لا صورة حصول العلم الفعلي كما في الصورة الأُولى ، ولا صورة العلم بالأسباب الموصلة إلى نفس الواقع كما في الصورة الثانية ، بل المراد من انفتاح باب العلم هو التمكّن من الحصول على أسباب العلم بالواقع ، ولا ريب أنّ
__________________
(١) فرائد الأُصول ١ : ١٠٩ ـ ١١٠.