عرفت (١) في الوجه الرابع.
وإن كان المراد من جعل المؤدّى هو إنشاء حكم على طبق مؤدّاها ، كما ربما يومئ إليه قوله فيما تقدّم : فإنّه ليس في الحكومة الظاهرية توسعة وتضييق واقعي إلاّبناء على بعض وجوه جعل المؤدّى الذي يرجع إلى التصويب الخ (٢) فلا يخفى أنّه بناءً على هذا المعنى من جعل المؤدّى لا تكون الأمارة قائمة مقام العلم بجميع أقسامه ، بل لا تكون حينئذ إلاّسبباً أو موضوعاً لأحكام شرعية مجعولة على طبق ما أدّت إليه.
ومن ذلك كلّه يتّضح لك التأمّل أيضاً فيما أفاده قدسسره بقوله : ولا يحتاج إلى جعلين حتّى يقال إنّه ليس في البين جعلان ، والجعل الواحد لا يمكن أن يتكفّل كلا الجزأين لاستلزامه الجمع بين اللحاظ الآلي والاستقلالي ، حيث إنّ تنزيل الظنّ منزلة العلم باعتبار المؤدّى يرجع في الحقيقة إلى تنزيل المظنون منزلة المعلوم ، فيكون النظر إلى الظنّ والعلم نظراً مرآتياً ، وتنزيل الظنّ منزلة العلم باعتبار نفسه وبما أنّه جزء الموضوع يرجع في الحقيقة إلى لحاظ الظنّ والعلم شيئاً بحيال ذاته ، ويكون النظر إليهما استقلالياً ، ولا يمكن الجمع بين اللحاظين في جعل واحد ، لا لمكان أنّه ليس هناك مفهوم عام يجمعهما ، كما يقال إنّ الجمع بين الشيئين في استعمال واحد لا يمكن لعدم الجامع بينهما ، بل لمكان عدم إمكان الجمع بين اللحاظين لتنافيهما ذاتاً الخ (٣).
فإنّ الظاهر منه هو أنّ تنزيل الأمارة منزلة العلم الطريقي الصرف والطريقي
__________________
(١) في صفحة : ٧٢ ـ ٧٣.
(٢) فوائد الأُصول ٣ : ١٩.
(٣) فوائد الأُصول ٣ : ٢٢.