لأنّ مبنى الكشف هو عدم كون المنجّز هو الاحتياط وعدم إمكان منجّزية الاحتمال ، فيتعيّن أن يكون المنجّز هو الظنّ كما سيأتي شرحه في محلّه إن شاء الله تعالى (١) ، وهذا المعنى لا يجتمع مع أخذ أساس المطلب العلم الاجمالي كما في هذا التقريب.
قوله : مثلاً لو كان إناءات ثلاث في الجانب الشرقي من الدار ، واناءات ثلاث أُخرى في الجانب الغربي ، وعلم إجمالاً بأنّه أصاب أحد الإناءات في الشرقية قطرة من الدم ، وعلم إجمالاً أيضاً أنّه زمان وقوع تلك القطرة وقعت قطرة أُخرى من الدم إمّا في أحد الإناءات الشرقية غير ما وقعت فيه تلك القطرة ، وإمّا في أحد الإناءات الغربية ... الخ (٢).
لا يخفى أنّه في مثل المثال تارةً يعلم أنّ النجاسة الثانية لم تقع إلاّفي طاهر بحيث إنّها لو كانت واقعة في الشرقيات لم تكن واقعة إلاّفي طاهر ، وكان الذي وقعت فيه منها هو غير الذي وقعت فيه الأُولى ، وأُخرى لا يكون التنجيس بها معلوماً ، بل على تقدير وقوعها في الشرقيات يحتمل كونها واقعة في ذلك الذي وقعت فيه الأُولى. والظاهر أنّ الغربيات في الصورة الثانية لا يجب الاجتناب عنها سواء كان العلم بوقوع القطرة الثانية مقارناً للعلم بوقوع القطرة الأُولى أو كان متأخّراً عنه ، إذ لا يعلم أنّ القطرة الثانية مؤثّرة على كلّ تقدير.
وحاصله : أنّه لا يحصل العلم إلاّبنجاسة واحد من الشرقيات ، ويكون كلّ واحد من الغربيات مجرى لقاعدة الطهارة ، ولا يعارضها قاعدة الطهارة في واحد من الشرقيات ، لسقوطها في الشرقيات بالمعارضة في نفس تلك الشرقيات. نعم
__________________
(١) راجع الحاشية الآتية في المجلّد السابع من هذا الكتاب ، الصفحة : ١٥ ومابعدها.
(٢) فوائد الأُصول ٣ : ٢٠٢.