العلم الاجمالي الكبير الناشئ عن العلم بوجود الشريعة وأنّا لسنا كالبهائم ، بل إنّ لنا أحكاماً واقعية نحن مكلّفون بها ، فإنّ علمنا بأنّ أغلب ما بأيدينا من الأخبار صادر عنهم عليهمالسلام غير ناشٍ عن ذلك العلم الاجمالي الكبير خصوصاً بعد ذلك التعب والاجتهاد من أصحابنا في تنقيح تلك الأخبار. نعم علينا أن نثبت أنّ ما هو الصادر من تلك الأخبار هو بمقدار ذلك المعلوم الاجمالي الكبير ، لكن إشكال الشيخ قدسسره مبني على أنّ مجرّد العلم بالصدور لا أثر له إلاّمن جهة العلم بوجود التكاليف ، فالمدار على العلم بوجود التكاليف الواقعية في ضمن تلك الصادرات ، ويدّعى أنّ التكاليف الواقعية المعلومة الوجود في ضمنها أقلّ ممّا هو معلوم بينها وبين سائر الأمارات ، ويمكن تطرّق المنع إلى ذلك وادّعاء كون التكاليف الواقعية الموجودة في ضمن تلك الأخبار هي بذلك المقدار.
ثمّ بعد هذا كلّه نقول : ما الداعي لما تكلّفه الشيخ قدسسره وتبعه الأُستاذ قدسسره من عدم انحلال العلم الاجمالي المتوسّط إلى العلم الاجمالي الصغير ، وما الذي يترتّب على عدم انحلاله ، إلاّأن يكون هذا مطلباً واقعياً قد قصدا بيانه ، لا أنّه يكون إيراداً على الاستدلال ، فإنّا لو سلّمنا عدم الانحلال فأقصاه أن يكون العمل بتلك الأمارات واجباً ، كما أنّ خبر الواحد يكون كذلك أيضاً ، فلو كان المستدلّ يريد إثبات أنّ خبر الواحد واجب العمل ، هل كان يضرّه أن نقول له إنّ مقتضى دليلك أن تكون الشهرة ونحوها واجبة العمل كخبر الواحد.
نعم ، يتوجّه عليه ما أُفيد من الإيراد الثالث ، وهو أنّ العمل بالخبر من باب الاحتياط لا يفيد الحجّية. ولا يندفع هذا الإيراد بما أفاده الأُستاذ قدسسره : من أنّ نتيجة الانسداد على الكشف ... (١) ، لأنّ الظاهر أنّ الكشف لا يتأتّى في التقريب المزبور ،
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٢٠٤ ( نقل بالمضمون ).