وحاصله : أنّ هذه الظنون الكثيرة هي المثيرة للعلم الاجمالي في مواردها ، ولازم ذلك أنّها كلّما كثرت كانت كثرتها موجبة لكثرة المعلوم بالاجمال ، فلو كانت الظنون مائة مثلاً كانت موجبة للعلم الاجمالي بمطابقة عشرة منها للواقع ، فلو كانت مائة وخمسين ، كان مقتضى هذه النسبة أن يكون المعلوم بالاجمال فيما بينها خمسة عشر وهكذا.
وحينئذ فلو كان المعلوم بالاجمال في ضمن الظنون الحاصلة من الأخبار بمقدار مائة ، كان لازم ذلك أنّه إذا ضممنا إلى الأخبار باقي الظنون هو زيادة المعلوم الاجمالي على ما في الأخبار بنسبة عدد تلك الظنون إلى الأخبار ، وهذا مأخوذ ممّا حرّرته عنه قدسسره في بيان الوجه في الزيادة المرقومة ، فإنّه قال فيما حرّرته عنه :
وحيث إنّك قد عرفت فيما تقدّم أنّ منشأ العلم الاجمالي الأوّل المعبّر عنه بالعلم الاجمالي الكبير هو قيام الإجماع والضرورة على ثبوت أحكام شرعية في الشريعة المطهّرة ، تعرف أنّه لابدّ أن تكون أطرافه جميع محتملات التكليف مظنوناتها ومشكوكاتها بل وموهوماتها. أمّا العلم الاجمالي الثاني وهو العلم الاجمالي فيما بين الأخبار وباقي المظنونات ، فحيث إنّك قد عرفت أنّه لا منشأ له إلاّ نفس الأمارات الظنّية من الأخبار وباقي الأمارات ، كالشهرة والإجماع المنقول وغيرهما من الأمارات ، بواسطة أنّ اجتماع تلك الأمارات ممّا يوجب العلم بمطابقة كثير منها للواقع ، تعرف أنّ كلّ واحد من تلك الأمارات يكون من أطراف ذلك العلم الاجمالي ، ويكون المنشأ في ذلك العلم الاجمالي هو نفس تلك الأطراف ، ولازم ذلك أن يكون زيادة تلك الأطراف التي كانت هي المنشأ في ذلك العلم الاجمالي موجباً لزيادة المعلوم بالاجمال ، مثلاً لو كان المعلوم