بغير علم بحالهم ، وما هم عليه من الطاعة والإسلام (١).
وبناءً عليه تكون هذه الإصابة من قبيل قوله :
أظلوم إنّ مصابكم رجلاً |
أبدى السلام تحيّةً ظلم |
في كونها من قبيل الاصابة بالنفس بالقتل ونحوه ، ويكون حاصل الآية الشريفة هو أنّه إذا جاءكم فاسق بنبأ عظيم يتعلّق بما يوجب الاصابة بالقتل والنهب ، فلا تأخذوا بخبره وتثبّتوا وتفحّصوا عن الواقع ، مخافة أن تصيبوا قوماً بالقتل والنهب. ولا ريب في عدم حجّية خبر العادل في مثل ذلك ، ولا يكون ذكر الفاسق حينئذ في الآية الشريفة إلاّلمحض التنبيه على المورد ، وهو أنّ ذلك المخبر فاسق ، وبناءً عليه لا يكون التعميم إلى خبر العادل في خصوص هذا النبأ المتعلّق بالقتل والارتداد محتاجاً إلى عموم العلّة ، كي يتكلّم في أنّه حاكم على المفهوم ، أو أنّ المفهوم حاكم عليه ، بل إنّ خصوص العلّة ـ وهي خوف الوقوع في قتل من لا يستحقّ القتل ـ يكون موجباً لاختصاص النبأ بما يكون أثره القتل والنهب ، ويكون هذا الاختصاص هو الموجب لتعميم الحكم لخبر العادل ، ويكون الحكم في المنطوق مختصّاً بذلك النبأ الذي لا يفرّق فيه بين الفاسق والعادل ، ولا يكون ذكر الفاسق إلاّلنكتة إظهار فسق ذلك المخبر الخاص.
ولو سلّمنا دلالة الآية في حدّ نفسها على المفهوم ليكون حاصل الآية منطوقاً ومفهوماً هو أنّه [ إن ] أخبركم الفاسق بارتداد طائفة من الناس فلا تقبلوا خبره ، وإن أخبركم العادل بذلك فاقبلوا خبره ، لكان اللازم علينا رفع اليد عن ظهورها في ذلك المفهوم ، لا لعموم العلّة أعني عدم العلم ، بل لأجل الإجماع القطعي على عدم قبول خبر العادل في الارتداد ولو قلنا بحجّيته في الموضوعات
__________________
(١) مجمع البيان ٩ : ٢٢١.