والقتل والنهب ، وكأنّه لأجل ذلك فسّره في المجمع وكذا في التبيان بقولهما : أي بخبر عظيم الشأن (١). وتوضيحه يتوقّف على تمهيد مقدّمة ، وهي أنّ تعليل الحكم بعلّة كما يوجب تعميمه إذا كانت العلّة عامّة ، فكذلك يوجب تخصيصه لو كانت العلّة خاصّة ، فلو قال : لا تأكل الرمّان لأنّه حامض ، فكما أنّا نسري هذا الحكم إلى مطلق الحامض ولو كان من غير الرمّان ، فكذلك نحكم باختصاص ذلك الحكم بخصوص ما كان من الرمّان حامضاً ، بحيث إنّه لا يشمل الرمّان الحلو.
وحينئذ نقول : لو قال القائل : إن حدّثك الفاسق فلا تقبل حديثه وتفحّص عن الواقع مخافة أن تخرج إلى خارج البلد ولا تجد شيئاً ممّا حدّثك به ، فعلى الظاهر أنّه لا ينبغي الريب في أنّ هذا الحكم ـ وهو عدم قبول الحديث المذكور ـ يكون مختصّاً بما إذا كان الحديث متعلّقاً بشيء خارج البلد ، لما ذكرناه من أنّ خصوصية علّة الحكم توجب خصوصية المعلول الذي هو الحكم.
إذا عرفت [ ذلك ] فاعلم أنّ المفسّرين أعربوا قوله تعالى : ( بِجَهالَةٍ ) أنّه في موضع نصب على الحالية ، كما في الجلالين (٢) والكشّاف (٣) ومجمع البيان (٤) ، وفسّروا الجهالة بعدم العلم ، وحينئذ فلا يكون قوله تعالى : ( بِجَهالَةٍ ) متعلّقاً بقوله تعالى : ( تُصِيبُوا ) بل يكون ظرفاً مستقرّاً في موضع الحال ، ويكون المتعلّق لقوله تعالى : ( تُصِيبُوا ) هو الأنفس والأموال كما في المجمع ، فإنّه فسّر قوله تعالى : ( تُصِيبُوا ) بقوله رحمهالله : أي حذراً من أن تصيبوا قوماً في أنفسهم وأموالهم
__________________
(١) مجمع البيان ٩ : ٢٢٠ ، التبيان ٩ : ٣٤٣.
(٢) تفسير الجلالين : ٦٨٣.
(٣) الكشّاف ٣ : ٥٦٠.
(٤) مجمع البيان ٩ : ٢٢٠ ، ٢٢١.