كان المخبر به من قبيل الارتداد الذي يكون أثره لزوم القتل والنهب ونحو ذلك ممّا لا يجوز الاقدام عليه مع عدم العلم فيكون ذلك موجباً لسقوط المفهوم ، وتكون الحكومة بالعكس.
نعم ، لو دلّت الآية ابتداءً على حجّية خبر العادل بلا توسّط الحصر ، لكان ما تفيده ابتداءً من حجّية خبر العادل مخصّصاً لعموم العلّة أو حاكماً عليه. لكنّك قد عرفت أنّ دلالتها على ذلك إنّما هو بطريق المفهوم ، الذي هو في طول دلالتها على الحصر ، وعموم التعليل مانع من ذلك الحصر ، فيكون رافعاً لموضوع المفهوم ، فتأمّل.
ويمكن أن يقال : إنّ عموم التعليل وإن أوجب رفع اليد عن ظهور الشرطية في انحصار العلّة بخبر الفاسق ، إلاّ أنّ أقصى ما فيه أن يكون ذلك ـ أعني كون المخبر به من قبيل الارتداد ـ علّة أُخرى لوجوب التثبّت مع بقاء الشرطية على الانحصار فيما عدا ذلك ، ويكون ضمّ التعليل إلى الشرطية من قبيل اجتماع الشرطين على الجزاء الواحد ، ويكون حاصل القضية هو أنّ النبأ إن جاء به الفاسق أو كان المخبر به من قبيل الارتداد وجب التبيّن ، على أن يكون الشرط في التثبّت هو أحدهما على نحو الانحصار ، وعند انتفاء الفسق وانتفاء كون المخبر به من قبيل الارتداد تبقى القضية الشرطية بحالها من الدلالة على الانحصار ، فتكون قاضية بالمفهوم ، وذلك من موجبات العمل وعدم التثبّت ، وهذه الطريقة لو تمّت لا تبقي مجالاً للإشكال بخروج المورد الذي هو الإخبار بالموضوعات أو بخصوص الارتداد ، فلاحظ وتأمّل.
ثمّ إنّ في العلّة المذكورة في الآية الشريفة إشكالاً آخر ، وهو أنّ الظاهر من النبأ ليس هو مطلق النبأ ، بل المراد به نبأ خاصّ ، وهو ما يكون أثره الغارة والأسر