وإن شئت [ قلت ] إنّ الحجّية مجعولة للاخبار ، ولا يتحقّق الاخبار إلاّبأن يخبرك المخبر ، وأنت إذا لم تطّلع على وجود ذلك الخبر لم يصدق عليك أنّ المخبر قد أخبرك فتأمّل ، هذا.
ولعلّ الذي حرّرته عنه قدسسره في هذا المقام أخصر وأبعد عن الإشكالات المزبورة ، وهذا نصّه :
فإن قلت : فعلى ما حرّرتموه لابدّ أن تكون الحجّية مختصّة بحال العلم بها ، فإن كان على نحو نتيجة التقييد كان محتاجاً إلى جعل ثانٍ يكون متمّماً للجعل الأوّل ، كما في باب الجهر والاخفات والقصر والاتمام ، وهو متوقّف على ثبوت الدليل عليه ، وإن لم يكن بنحو نتيجة التقييد ، بل كان أصل جعل الحجّية مقيّداً بحال العلم ، كان مستلزماً للدور.
قلنا : يمكن أن يلتزم بالاختصاص المذكور مع عدم الالتزام بالتقييد ولا بما هو نتيجته ، بأن يكون أثر الحجّية وهو صحّة الاستناد وعدم لزوم التشريع مترتّباً على نفس الجعل وعلى العلم به ، فالشارع يجعل نفس الحجّية الواقعية وهي غير مقيّدة بالعلم ، لكن ترتّب الأثر المذكور يتوقّف على العلم بها ، فيكون أشبه شيء بما قلناه في باب العقود من توقّف تماميتها على المجموع من الايجاب والقبول مع أنّ الموجب لا ينشئ إلاّنفس المعاملة التي هي عبارة عن المجموع من إنشائه وقبول طرفه ، انتهى.
قلت : وبناءً على ذلك تكون الحجّية المجعولة هي مجرّد جعل الاحراز التعبّدي وتكميل الانكشاف ، وأثره هو صحّة كونها وسطاً في الإثبات ، وخروج الاخبار بما أدّت إليه عن الكذب والتشريع ، وهذه الآثار منوطة بالعلم بذلك الجعل الشرعي ، لا أنّ الحجّية تكون مؤلّفة من الجعل الشرعي والعلم به كما ربما