ترتّب الأثر الوضعي ، فلو باع أو تزوّج أو طلّق أو صلّى أو أعتق جامعاً لجميع الشرائط المعتبرة ، ولم يكن أخذه ذلك من المعصومين ( صلوات الله عليهم ) لم يكن ذلك صحيحاً ، ولا يترتّب عليه شيء من الآثار ، وكان معاقباً على ذلك ، لم يكن بذلك بأس على الظاهر ، كما ربما يستفاد من قوله عليهالسلام : « لم يكن له على الله ثواب » (١).
وكيف كان ، فالظاهر أنّ توجيه مقالة الأخباريين بما يرجع إلى نفي الحكم الواقعي عمّن قطع به من غير الكتاب والسنّة يمكن الجزم بأنّهم لا يريدونه. وكيف كان ، فليس المراد به هو اختصاص الأحكام بمن حصّلها من طريق الكتاب والسنّة ، على وجه يكون كلّ من الجاهل بها والعالم بها من غير طريق الكتاب والسنّة لا حكم له ، لأنّ ذلك ممّا يوجب معذورية كلّ من الجاهل الصرف الذي لم يسلك طريقاً أصلاً ، وسالك طريق الاستحسان والطرق العقلية المحضة ، إذ لا حكم حينئذ لهم في الواقع ، من دون فرق بين الجاهل الذي لم يسلك طريقاً أو السالك طريق غير الكتاب والسنّة.
بل المراد هو أنّ الحكم الواقعي غير مجعول في خصوص من حصّل العلم به من غير الكتاب والسنّة ، فإنّ من قطع بالحكم الواقعي من غير الكتاب والسنّة إن كان قطعه مطابقاً للواقع ، يقال له : إن هذا الحكم الواقعي الذي حصّلته من غير الكتاب والسنّة غير مجعول في حقّك ، وحينئذ فعليه أن يحصّل حكمه الواقعي في تلك الواقعة ، وأن يفحص عنه من طريق الكتاب والسنّة ، فإن تفحّص وكان مقتضى الكتاب والسنّة هو ذلك الذي حصّله أوّلاً فهو ، وإلاّ بأن وصل من طريق الكتاب والسنّة إلى خلاف ذلك الذي حصّله أوّلاً كان معذوراً. هذا فيما إذا كان
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ٤٢ / أبواب صفات القاضي باب ٦ ح ١٣.