من أنّه لا عبرة بالعلم الحاصل من غير الكتاب والسنّة ... الخ (١).
فإنّ لازم هذا التوجيه أنّ أخذ الحكم الواقعي من غير الكتاب والسنّة يوجب ارتفاع ذلك الحكم الواقعي عمّن قطع به من غير الكتاب والسنّة ، وأنّ شرط تحقّق الحكم الواقعي وإن كان بنحو نتيجة التقييد هو أخذه من طريق الكتاب والسنّة ، على وجه لا حكم في حقّ من أخذه من غير الكتاب والسنّة ، وهذا على الظاهر ممّا لا يرضى به الأخباريون ، لأنّ لازمه هو كون من أخذ الأحكام من غير الكتاب أو السنّة غير مكلّف بتلك الأحكام الواقعية المفروض كونها بحسب الواقع مقيّدة بمن أخذها من الكتاب أو السنّة ، وأنّ من أخذها من غيرهما لا حكم في حقّه ، سواء كان مرجع ذلك إلى اختصاص الأحكام الواقعية بخصوص من علمها من الكتاب والسنّة ، دون الجاهلين بها ودون من أخذها من غيرهما ، أو كان مرجعه إلى أنّ خصوص من أخذها من غير الكتاب والسنّة ليست مجعولة في حقّه ، والأوّل أوسع إشكالاً من الثاني ، لأنّ لازمه أن لا حكم للجاهل ، كما لا حكم لمن علم الحكم من غيرهما.
فالأولى توجيه مقالتهم بما وجّهها به في الكفاية (٢) من منع قاعدة الملازمة ، أو دعوى كون المقدّمات العقلية لا تفيد العلم ، وأنّها إنّما تفيد الظنّ.
ولو قال قائل منهم أو من غيرهم بأنّ الشرط في صحّة ما يكون مورداً للتشريع من أفعال أو تروك لها آثار تكليفية أو آثار وضعية هو أخذ أحكامها من المعصومين ، على وجه لو حصل القطع بأحكامها من الطرق الأُخر لم يكن الجري على طبقها مجزياً ، ولا يترتّب عليه الأثر من إجزاء عن التكليف ومن
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ١٣ ـ ١٤.
(٢) كفاية الأُصول : ٢٧٠.