نسياناً ، والمروي له اعتمد على عدالته وعلى أصالة الظهور وعدم الغفلة والنسيان أو أنّ المروي له غفل عن القرينة في كلام الراوي ، إلى غير ذلك من موارد الاشتباه. وكلّ ذلك لا يكون تفويت المصلحة مستنداً إلى الشارع ، بل إلى أسبابه من غفلة الراوي أو المروي له.
نعم ، في خصوص ما يكون من قبيل تأخير البيان عن وقت الحاجة ربما يتوهّم الاستناد فيه إلى الشارع ، لكن لا يخفى أنّه لو كان فإنّما هو لأجل طوارٍ وعوارض منعت من البيان ، على وجه كان في البيان مفسدة مانعة من البيان في وقت الصدور إلى ما بعد الحاجة ، فذلك وإن أوجب فوت المصلحة أو الوقوع في المفسدة إلاّ أنّه أيضاً لا يكون مستنداً إلى الشارع ، بل لا يكون السبب فيه إلاّتلك الطوارئ والعوارض.
ولكن هذه الطريقة لا تغني عمّا تقدّم ، فإنّ هذه المخالفات القصورية وإن لم يكن فوت المصلحة فيها مستنداً إلى الشارع ابتداءً ، إلاّ أنّها تستند إليه ثانياً باعتبار أنّه أمره بالعمل بتلك الطرق التي يعلم أنّه ربما أخطأت الواقع قصوراً ، فلا محيص في الجواب إلاّما عرفت فيما تقدّم من أنّ الشارع بعد فرض أنّ باب الوصول إلى الواقع منسدّ على المكلّفين ، ينحصر لطفه بهم في إيصالهم إلى المصالح الواقعية بأمرهم بأن يسلكوا الطرق العقلائية أو التي يقرّرها هو لهم ، فلو أخطأت لا يكون وقوعهم في خلاف الواقع وفوت تلك المصالح عليهم إلاّمن جهة قصورهم عن الوصول إلى الواقع بأنفسهم. نعم عليه أن يختار لهم ما يعلم أنّه أقل خطأ من غيره ، فلو كان الطريق ولو عقلائياً كثير الخطأ ، كان مقتضى لطفه بهم ردعهم عن سلوك ذلك الطريق ، كما صنعه في القياس والاستحسان ونحو ذلك من الطرق الممنوعة.