تقدّم ، وذلك بأن تقول : إنّ الأحكام الشرعية والقوانين الإسلامية التي جعلها الشارع وبيّنها الرسول المعظّم على الطريقة المعروفة في البيان ، لا تقلّ عن القوانين التي تقنّنها الدول في كيفية نشرها والإعلان بها وبيانها لعامّة المكلّفين ، وحال المكلّفين بتلك الأحكام الشرعية كحال المكلّفين بتلك القوانين الدولية ، فإنّ الشارع المقدّس ورسوله المعظّم وخلفاءه المعصومين لم يقصّروا في بيانها ونشرها والإعلان بها لعامّة المسلمين إلاّمن حرمه الله تعالى من قبول ذلك ، ولم يتوفّق إلى الوصول إلى فهم بعضها لتقصير منه في فهم ذلك أو لقصور ، ولا كلام لنا في من قصّر في ذلك.
وإنّما الكلام في القاصر ، وقصوره تارةً يكون لأجل أنّه لم يصل إلى تلك البيانات ولم يسر في فهمها بالطرق المقرّرة لفهم تلك الأحكام وتلك القوانين ، فكان ذلك القصور موجباً لفوات مصالح تلك الأحكام عليه ووقوعه في المفاسد التي كانت تلك القوانين مانعة منها ، ومن المعلوم أنّ وقوعه في ذلك لمّا كان لقصور منه ، ولم يكن شيء من جانب الشارع المقدّس ، لم يكن فيه إشكال تفويت الشارع المصلحة والإلقاء في المفسدة. ويلحق بذلك من أخطأ قصوراً منه في كيفية إعمال تلك الطرق المقرّرة ، كمن أعمل أصالة الظهور في مورد سقوطها قصوراً منه في ذلك ، ولا كلام في جميع ذلك.
وإنّما الكلام في من لم يقصّر ولم يقصُر في إعمال تلك الطرق ، وأعملها وجرى عليها على طبق ما هو المقرّر في إجرائها ، كمن صدّق الراوي العادل بحسب الظاهر وعمل على طبق روايته ، ولكن الراوي قصّر في روايته بأن تعمّد الكذب ولم يطّلع المروي له ، أو أنّ الراوي لم ينصب القرينة على خلاف ظاهر كلامه ، أو أنّه غفل عن القرينة في كلام الإمام المروي عنه قصوراً منه أو غفلة أو